الملك والحنكة السياسية

من البديهي ان الانسان الفرد اذا ما تعرض لامر ما ، فقد القدرة على التفكير السليم لبرهة من الزمن لمعالجة هذا الامر واختلطت عليه الكيفية التي يمكن له اتباعها ليضمن امنه وامن من حوله ، فكيف اذا كان الامر يتعلق بدولة تعيش كل الضغوطات الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية مجتمعة ان يحسن ولي امرها التدبير اذا لم تكن لديه الحنكة السياسية المرتبطة بالكفاءة والفعالية والعقلانية والاستباقية في التعامل مع المصادر التاسيسية للازمات بشكل يضمن امن البلاد والعباد .


الاردن ينظر الى حدوده الشرقية فيرى العراق يخوض حربا طائفية شرسة دفعت بالكثيرين من عوائلها الينا بحثا عن الامن والامان ، وكذلك الامر مع حدودنا الشمالية فنرى سوريا تخوض حربا عالمية غير معهودة دفعت هي الاخرى بملايين اللاجئين الينا بحثا عن الامر بنفسه ، وكذلك ننظر الى حدودنا الغربية حيث فلسسطين المحتلة من قبل اسرائيل وهي ام المصائب ومحركها هجرت الينا ملايين الناس منذ زمن ولا زالت ، ناهيك عن حدودنا الجنوبية الغربية مصر التي تعاني ما تعاني من ازمة سياسية واقتصادية وامنية حادة دفعت بمئات الالاف من ابنائها الينا بحثا عن لقمة العيش وراحة البال ، اما حدودنا الجنوبية الشرقية السعودية فهي لم تكن افضل حالا فقد فرضوا عليها حربا باليمن ويدفعون بها الى حرب برية في سوريا لا يعلم عواقبها اذا وقعت الا الله .


كل هذا وما سببته الاوضاع من حولنا التي لم تعد تعرف غير لغة العنف والقتل والتطاحن من ضغوط على البنى التحتية من عدد النازحين واللاجئين والوافدين التي بينها التعداد العام للسكان مؤخرا ، ناهيك عن الضغوط الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لم نشهد لها مثيلا ، ربما تجعل من الملك وفق طبيعته الانسانية ان يحتار بين كل ما يجري لاتخاذ القرار المناسب لكل ذلك ، الا انه وبتوفيق من الله وحنكته السياسية استطاع ان يتكيف مع كل الاوضاع الدولية والاقليمية الراهنة ، فتراه في مؤتمر لندن حينا ، ثم في مؤتمر ميونخ حينا اخر ، وتراه يتنقل بين عواصم العالم غربا وشرقا ، شمالا وجنوبا ، لكي يحفظ امن الاردن واهله وقد نجح بفضل الله في البقاء على الاردن واحة امن واستقرار ، وعلى شعبه يمارس حياته الطبيعية المعتادة دون توجس يذكر، ساعده في ذلك شعب متفهم لما يقوم به على كل الاصعدة .


انها حنكة الملك والتفكير السليم الذي تبنى سياسة الصبر الاستراتيجي ، والأناة وطول النفس ، والمثابرة .