فساد وبلديات

لم يعد سرا الحديث بان جزءا كبيرا من وقت هيئة مكافحة الفساد يذهب لمتابعة قضايا البلديات. حيث تشير معلومات غير رسمية الى ان قضايا الفساد في البلديات الى يجري العمل على تدقيقها يصل الى عدة آلاف.

وتشيرمعلومات مؤكدة الى ان عدد قضايا الفساد في بلدية واحدة وصل الى 300 قضية. وهي قضايا تختلف في احجامها. ما بين الصغيرة والكبيرة.

القضايا مدار البحث غير معلنة بشكل كامل. الا ان من يتابع المعلومات المتاحة يتوقف عند حالات فساد قيمتها مبالغ كبيرة جدا.

من ذلك ـ على سبيل المثال ـ ان احد رؤساء البلديات قام بتعيين العشرات من الطلبة بوظائف مختلفة. مع انهم لا يمارسون اي نشاط. ولا وقت لديهم اصلا للدوام.

ومن ذلك ان ما يقرب من اربعين موظفا مهمتهم الرد على هاتف واحد في احدى البلديات الكبرى. وتزوير وثائق تتعلق بقرار هدم منزل، ليتم هدم منزل لشخص آخر.

وقيام رئيس بلدية بتعيين شخص احد المقربين منه بوظيفة" ممثل شخصي" ، مع ان القانون لا يسمح بذلك. وانه لا توجد في نظام التشكيلات البلدية مثل تلك الوظيفة.

وقيام رؤساء بلديات ببناء اسواق شعبية في اماكن يصعب تسويقها. او في مواقع يمكن استغلالها بشكل افضل. وبقاء تلك الاسواق مغلقة.

بالطبع، هناك امثلة كثيرة ونماذج متعددة من الفساد يمكن استعراضها، وتشغل في المحصلة اجهزة مكافحة الفساد بحكم كثرتها. وبالتالي فإنها تاخذ حيزا كبيرا من الجهد الذي يمكن ان يبذله طاقم الهيئة في قضايا كبيرة. بحكم انه لا يمكن ترك هذه القضايا كونها صغيرة.

غير ان المهم في كل ذلك هو : هل استفادت الجهات المختصة من تلك الصورة القاتمة اثناء اعداد قانون البلديات؟ .

سؤال لا بد وان يكون ملحا في ضوء ممارسات تمت ليس فقط في الدورة الفائتة . وانما في دورات كثيرة سابقة. حيث امضى الرؤساء والاعضاء اوقاتهم في خدمة ناخبيهم. واستنزف هؤلاء مقدرات البلديات التي يديرونها في محاولات لارضاء اقاربهم على امل التجديد لهم.

على سبيل المثال، انفق احد رؤساء البلديات مبلغا حصلت عليه البلدية كدعم حكومي كنفقات لتعبيد شوارع تخدم اصدقاء وداعمين له.

بينما ترك الرئيس كافة الشوارع الاخرى بما في ذلك شوارع لا تصلح لمرور الدواب عليها.

والمقصود بالسؤال حول ما اذا كانت وزارة البلديات قد استفادت مما حدث، ان تحد من صلاحيات رؤساء البلديات ما امكن. وبحيث تكون مهمة المجلس البلدي ـ رئيسا واعضاء ـ التخطيط . والرقابة. بينما يتولى ادارة شؤون البلدية مدير متخصص يتم اختياره من قبل الوزارة.

واعتقد ان صديقنا وزير البلديات يدرك جيدا اهمية تلك الخطوة ليس في محاربة الفساد فقط. وانما في تفعيل الاداء البلدي الذي اصبح مصلحيا في كل تفاصيله.