هيلاري كلينتون: اوراق اعتماد «رئاسية».. مُلَطخة بالدماء!!

الرسالة التي نشرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية, والمرسلة من الساعية للحصول على بطاقة الترشح عن الحزب الديمقراطي الاميركي, هيلاري كلينتون.. تفضح طبيعة ما يجري على الساحة السياسية الاميركية وكيف انحدر ساسة الدولة الأعظم في العالم, الى منحدر سحيق في تزلفهم ونفاقهم وهرولتهم المُخزية، نحو اللوبي اليهودي وذلك المُتصَهيِن على الساحة الاميركية، وكيف غدا الحصول على «رضى وبركات» يهود اميركا على قِلّتهم العددية, ولكن بنفوذهم الطاغي في وسائل الاعلام وتحكمهم بمصير ومسار مرشحي الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ وقدرتهم على «ايذاء» «إنْ لم نقل شطب» اي شخصية من النخبة الاميركية، بما في ذلك النخبة الاكاديمية وكل من يجرؤ على الكلام (هل تذكرون كتاب بول فيندلي الشهير؟)، ناهيك عن التُهمة الجاهزة للصقها بكل من يحاول ايضاح الحقائق او طرح الاسئلة، او الغوص في بحث علمي منهجي عن الهولوكوست, او انتقاد جرائم اسرائيل التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، الا وهي تهمة «اللاسامية» وكراهية اليهود, حتى لو كان المُنتقِد يهودياً، فيتم وصفه يهودي.. كاره لنفسه، وليست الهجمة على المنظمة المسماة (جي ستريت) التي تحاول ان تكون اكثر اعتدالاً من (إيباك) سوى الدليل الأبرز.


يهود اميركا يتوفرون على قوة سياسية ومالية وخصوصاً اعلامية, يستطيعون من خلالها رفع مرتبة من يشاؤون وإطاحة من يقف في طريقهم مهما بلغ من شجاعة وقُدرة على المواجهة, لأنه لن يجد سنداً او حماية او دعماً من أي محفل او جهة او جماعة, ولا داعي هنا للزعم بأن المنظمات (دع عنك السفارات التي لا يعلم رعاياها, في اي شارع او جادة من العاصمة الاميركية.. تتواجد) العربية والاسلامية قادرة (بافتراض انها راغبة) على مواجهة هجمات شرسة كتلك التي يقارفها يهود اميركا والكنائس المُتصهيِنة (وهي كثيرة) في الولايات المتحدة.

ليس ثمة مبالغة في ما نتحدث عنه, ولا نية في بث اليأس واظهار ان «اليهود» قادرون على فعل كل شيء، لكنهم وفي قراءة ومتابعة لما انجزوه ويستطيعون انجازه، باتوا «القوة» الأولى القادرة على التأثير في ملفات الانتخابات الاميركية, سواء كانت رئاسية ام برلمانية في الكونغرس... نوابه والشيوخ، فضلاً عن حكام الولايات والانتلجنسيا الاميركية, سينما وتلفزيون ومسرح واكاديميا..

ما علينا..

هيلاري كلينتون - على ما نشرته الغارديان البريطانية - (موقع اسرائيل ديلي)، بعثت برسالة الى الملياردير اليهودي الاميركي حاييم صابان (الذي يُمَوِّل منتدى صابان الشهير, الذي ينظمه سنوياً معهد بروكينغز في واشنطن ويجمع نُخباً اميركية واسرائيلية ذات تأثير في المشهدين الدولي والاقليمي وخصوصاً في حشد التأُييد لاسرائيل وانتزاع تعهدات ووعود من البيت الابيض وكل الطامحين للمنافسة في الرئاسة والكونغرس).

نقول: الوزيرة الاميركية التي تلقت صفعتين في الانتخابات الاولية التي جرت في ولايتي ايوا وهامفشسير وخصوصاً في الاخيرة, عندما ألحق بها منافسها ساندرس (وهو يهودي ولكن بمزاج يساري) هزيمة مُذِلّة, قالت في رسالتها لملياردير صالات القمار: «أنها في حال تولت رئاسة الولايات المتحدة, فإنها ستسمح لاسرائيل بقتل (200ألف) فلسطيني وليس (2000) فقط» في اشارة الى ضحايا عدوانها الاخير في العام 2014 الذي سمّْته حكومة العدو الاسرائيلي... «الجرف الصامد».

اضافت - هيلاري - ان اسرائيل لم تُلقّن حماس درساً كافياً خلال الحرب الاخيرة, ولم يتعامل البيت الابيض (اوباما) «كما يجب» مع حلفنا «الديمقراطي» ولهذا فإنها تَعِد اسرائيل, بأن تمنحها كل الدعم العسكري والدبلوماسي والاقتصادي اللازم من اجل القضاء على حماس».

وكي يصل النفاق والمداهنة.. مداهما الاوقح, فإن هذه المرأة الفاسدة والمشبوهة والمتهمة بالغرور والنرجسية والاستكبار, تقول وبالرغم من أنها أم: إن حقوق الاطفال لن تجعلني اتردد لحظة بالسماح لاسرائيل بقصف المدارس التي تُطلق منها الصواريخ, لأن هؤلاء الاطفال يُستعمَلون كدروع بشرية, ويستحق الارهابيون ان يروا جثث اطفالهم تحترق بسبب القنابل والصواريخ (هل تذكرون ما قالته وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت عندما سُئِلت عن رأيها في مقتل 200 الف طفل عراقي جراء الحصار, فلم تتردد بالقول: (كان الامر يستحق ذلك).

ليت صلف السيدة الاميركية الاولى (سابقاً) ووزيرة الخارجية في الفترة الرئاسية الاولى لباراك اوباما, توقف عند هذا الدعم غير المسبوق في نفاقه للدولة الخارجة على القانون الدولي التي تقودها مجموعة من مجرمي الحرب, بل انها وبعد عاصفة الانتقادات والغضب الشديد الذي لاقته حملة هيلاري كلينتون في اعقاب الكشف عن مضمون الرسالة القذرة والملطخة بالدماء, سارع المسؤولون عن حملتها الى «تصحيح» الرقم الذي ذُكر في الغارديان عبر القول: إن السيدة كلينتون قصدت ان تكتب (20 ألفاً) وليس (200) الف. (كذا).

هل بعد هذا التواطؤ والاجرام والسادية وكل ما انتجته ثقافة اليانكي الاميركي, وتراثه في إبادة السكان الاصليين وإلقاء القنابل النووية والكيماوية وحرق الغابات وتدبير الإنقلابات ودعم الديكتاتوريات الفاسدة ونشر ثقافة الرشوة والفساد في بلاد العالم، يمكن للمرء أن يأمل أو يتوقع بِتَغير في «الارتكابات» الاميركية «الحقيقية» التي غُلِّفت بـِـ «حلم» مُزيّف, يجري تسويقه بكثافة في الافلام و«الاكل» الاميركي والبحث عن وظيفة وسيارة ومنزل بــ «الاقساط» كي يُسْتَعبَد المرء الى... آخر عمره؟