إضاءة على المجموعة الشعرية "حرف ونصف معنى"
أخبار البلد
بقلم: صابرين فرعون
يعتمد الشعر الحديث على مقومات الاستبطان من صراعات وتحديات الذات والنهج الوجداني والتجربة الإنسانية.. نرى هذه الرمزية تُزهر حرفاً يانعاً عند الشاعرة آمال هدازي في مجموعتها الأخيرة "حرف ونصف معنى"، لا يتكافأ فيه المعنى المباشر والآخر المُستبطَن، الأول يودي للثاني والثاني نصف الأول، وكأنه حظ المعنى في صيرورة اللغة وتشكيلها..
الحس العالي يظهر في الأخيلة والموسيقى الداخلية التي انبعثت من النصوص على تنوعها وغناها العاطفي ونضوج المضمون وعمقه الذي تشكل من تصالح الأنا الفكري والوجداني واللغة الميتافيزيقية ..
جمعت الشاعرة آمال هدازي بين التراكيب الحُداثية والسرد المُكثف في نسج حرفها لتشويق القارئ وجعله مشاركاً بالبناء والتفكيك اللغوي، لتأويل التجربة والوقوف عند المعاني المُدرَكة والمفهومة للمورفيمات، تلك الأبواب تتداخل في وظيفتها النحوية من صيرورة وتعدية وتكسير...
اللغة عند آمال مطواعة، لا تكلف فيها أو زخرفة لفظية تُحيلها للغموض أو ضعف البنية، وإنما شاعرية الشاعرة تظهر فطرياً من خلال العدسة العينية على سبيل المثال، فتكون الفكرة ذات شحنة وطاقة لغوية يتم ترجمتها من صورة أو رؤية معينة في ذهن آمال لحرف ذات إيقاع حركي، يجذبنا لنزيل الستار أو القشرة الخارجية "المعنى المباشر" ونبحث في الوحدة الموضوعية والتسلسل في النصوص على الرغم من حيثية الكم أو النوع الأدبي للقصيدة الواحدة، فنراها تارةً تكتب بأسلوب يشبه الومضة "نص قصير يختزل فكرة عميقة"، وأحياناً أخرى تأخذ شكلاً مطولاً قصيدة نثرية تمعن في سرد التفاصيل والتصوير..
اهتمت الشاعرة بعنونة الفصول الشعرية والقصائد بعناوين لها دلالاتها الروحية الجاذبة، ليشرب العطشى من ينابيع حرفها، فجاءت القصائد في فصول بسيطة ومُلفتة "يلبسني البحر، أصابع القول، أكواريل بفرشاة الصمت، التراب وجع، جسد البياض"..
هذا النص تحديداً ارتبط بالعنوان الرئيسي للمجموعة الشعرية مباشرةً، وما يميزه أنه جمع بين الأقصوصة والهايكو..
تقول آمال هدازي في نص "التقطتُ صورة معي" :
الْتقطْتُ صورة معي
كان عُمْري آنذاك
حرف ونصف معنى..
آمال هدازي شاعرة مغربية, أستاذة لغة فرنسية, صدر لها خمس مجموعات شعرية les ombres de lumière و هذيل الغمام , فصول من عشق , همس الخطيئة، حرف ونصف معنى، يشار أن كل هذه الكتب صادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع..