تركيا تهدد بإغراق أوروبا باللاجئين

الأوروبيون المذعورون من تدفق اللاجئين السوريين على بلادهم ، وعدوا تركيا بدفع ثلاثة مليارات دولار لتوقف شحن اللاجئين السوريين إلى أوروبا. لم تتلق تركيا دولاراً واحداً بانتظار أن تثبت حسن سلوكها والتزامها بالشروط!.

وفي غياب الثقة فإن المبلغ الموعود ورقياً يقسم على ثلاث سنوات وتقسم حصة السنة الأولى على 12 شهراً أي التعامل نقداً والثمن بعد تسليم البضاعة.

ليس غريباً والحالة هذه أن يهدد الرئيس التركي اردوجان بأن يغمر أوروبا باللاجئين السوريين إذا لم تتحمل كامل كلفة وجودهم في تركيا ، كما يحسب هو هذه الكلفة مع الأرباح.

هذه هي اللغة التي تفهمها أوروبا ويفهمها ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يذوب إنسانية وشفقة على اللاجئين ولكن على حساب الدول المجاورة لسوريا التي عليها فتح حدودها وإدخال عشرات الالاف من اللاجئين المتجمعين على حدودها تطبيقاً لالتزاماتها الدولية.

كرماء على حساب الغير الذي يجب أن يفتح حدوده بينما يغلقون هم حدودهم ويستعدون لطرد وإبعاد عشرات اللاجئين من بلادهم بحجة سوء سلوكهم ، فهم يتحرشون بالنساء الجميلات وهم مرشحون للعمل كإرهابيين وخلايا نائمة.

لا أحد يريد لاجئين في بلده ، وإذا كنا نفهم تخوف الأوروبيين لأسباب أمنية في الظاهر وثقافية وحضارية في الواقع ، فإننا لا نفهم رفض الدول العربية الأخرى وخاصة دول الخليج العربي على استقبال لاجئ واحد مع أنها الأقدر مادياً والأحوج للقوى العاملة العربية.

حتى الآن ما زال عبء استقبال وإيواء اللاجئين السوريين مقتصراً على الأردن ولبنان وتركيا. أما دور المجتمع الدولي فهو الضغط على هذه الدول الثلاث وتوبيخها إذا ترددت في قبول الجموع الواردة إليها. وفي الحد الأقصى فإن هذا المجتمع الدولي على استعداد للالتزام بتسديد جانب من التكاليف المالية ، على أن توزع على مدى زمني طويل يسمح بالمماطلة فيما بعد.

حتى لو احتـرم المجتمع الدولي التزاماته المالية ودفع على أقساط سنوية ، فإن السؤال يبقى: ماذا بعد ، هل سيعود اللاجئون إلى بلادهم خلال السنوات الثلاث محل البحث أم أن هذه هي الفترة اللازمة لتوطين اللاجئين وتشغيلهم بحيث يتحول اللجوء إلى إقامة دائمة ، وقد لا يطول الزمن قبل البدء بإصدار هويات وأرقام وجوازات سفر مؤقتة ، وقد تطالب المبادرة النيابية بمنح اللاجئين حقوقاً مدنية تتحول مع الزمن إلى حقوق سياسية.