الإصلاح الحقيقي ومليارات الفساد
الإصلاح الحقيقي ومليارات الفساد
بقلم: أحمد عطاالله النعسان
يحق لي كأي أردني غيور أن أتحسر وأن أذوب قهرا وامتعاضا من حجم الفساد الذي أعلن عنه وما زال المسلسل مستمرا، مسلسل أبطاله فاسدون من الدرجة الأولى ومفسدون من العيار الثقيل، أنهكوا الدولة وأتعبوا البلد وأثقلوا كاهله بمليارات العجز ونهبوا حقوق العباد ونافسوهم في المشاريع التي كان من المفترض أن تحقق لهم بعض الإستقرار وضمان هامش من العيش الكريم، وجدنا أنفسنا بعد أن أتهمنا مرارا أننا نتجنى على المسؤولين في سابق الأيام والسنوات وأننا نعارض من أجل حب الظهور والشهرة، ولكن جاء الوقت الذي صدم به الجميع جراء تضخم كميات الحصاد لمواسم الإنتاج، مواسم جادت بالفساد وعاثت بالبلاد نهبا ونخرا وخرابا، وما يميز الحصاد هذه الأيام أنه من العيار الثقيل فمن ملفات الخصخصة إلى ملف قضية المصفاة ... إلى "سكن كريم لعيش كريم" ... إلى ملف شركة "موارد" وملف "اتفاقية الكازينو" ... و "مشروع الديسي" ... والتجاوزات في أمانة عمان وفي بعض بلديات المملكة، إلى فضيحة سفر خالد شاهين خارج البلاد التي قد يكون لها عظيم الأثر في تكسير مجاديف الأمل بأن يكون هناك جدية بالعقاب أو محاسبة حقيقية للفاسدين، وعدم معاملتهم بدلال زائد وكأنهم لم يجرموا بحق الوطن والمواطن.
ما نصبو إليه هو تحويل كافة قضايا الفساد للقضاء وعدم المماطلة أو التنويم أو التأجيل؛ لأن السبب الرئيسي في تضخم الفساد ووصوله لدرجة اللامعقول هو السكوت المعيب عن الفاسدين وعدم محاسبتهم لا شكليا ولا حقيقيا، وإخفاء الملفات وتنويمها في أدراج الهيئات والمؤسسات التي كانت مسؤولة عن كشف مواطن الخلل والفساد في الوطن الغالي، ويجب إستعادة أموال الدولة التي نهبت بكل جرأة ووقاحة وصلف مهما علا شأن المفسد وأيا كان إسمه أو رسمه، يجب علينا ونحن نمر في هذه اللحظات التاريخية والمفصلية الهامة من عمر أمتنا العربية أن لا نتردد بإتخاذ القرار الجريء دون مماطلة ولا تأخير ولا وجل ولا خوف إلا من الله جل وعلا، لأن الفاسد المفسد يجب تعريته أمام الناس من كل القيم والمثل التي أثقل مسامعنا بها معظم الفاسدين وهم يتبجحون بها علينا، وكانت محصلة أعمالهم مليارات عجر وتعطيل مشاريع خدمية نوعية ومشاريع حيوية لو سارت دون تخريب ونهب لتغيرت بوصلة الأمور رأسا على عقب وللمس المواطن العادي الفرق لأنه سيكون بينا وجليا.
عندما يتم معالجة الأمور بالطريقة الصحيحة دوم محاباة أو تبادل للمصالح أو حفظ للأسماء والأشخاص والمواقع والسلالات، وعندما تعود الأموال المنهوبة لخزينة الدولة ويتم تحصينها حتى لا تصل إليها أياد ملوثة جديدة وعندما يحارب الفساد وتجفف منابعه ومصادره ستكون الحكومة غير مضطرة لإتخاذ قرارات برفع الأسعار المرتفعة أصلا، ويكون من السهل على أي حكومة أن تعالج الفروقات الهائلة بين رواتب الموظفين في القطاع الحكومي والمؤسسات والهيئات معالجة حقيقية، وتكون قادرة على التخفيف من الضرائب التي فرضت على الشرائح الكبيرة مهدودة الدخل حتى سحقت الطبقة الوسطة وزادت الفجوة بين الغني والفقير، وتم تخفيضها على النخبة الصغيرة أصحاب الجيوب المنتفخة المتخمة بالمال الحرام في الغالب.
نحن نتأمل أن يجني المواطن الأردني العادي الذي وقف رغم كل التحديات والظروف الصعبة التي يمر بها، سدا منيعا في وجه كل المؤمرات التي حاولت النيل من هيبة الأردن الغالي، ووقف شامخا كالجبال في وجه العواصف التي حاولت زعزعة الأمن وفرض أجندات خاصة تحت شعار الإصلاح، لهذا يجب أن يلمس هذا المواطن آثار الإصلاح الحقيقي، وأن يشعر أنه فعلا هناك تغيير في الوضع المعيشي والحياتي له، وأن الإصلاح أصبح حقيقة لا مجرد شعارات وبيانات وزارية وإنتخابية إنشائية فقط، حمى الله الأردن وأدامه ذخرا وسندا للعرب والإسلام ووقاه شر الفاسدين والمفسدين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
Abomer_os@yahoo.com