صهاينة في الجنوب
يتعرض جنوب المملكة لحملة تهويد منظمة تهدف الى العبث بالأماكن الأثرية والتاريخية وتزويرها لإثبات نسبتها لأصول يهودية وتقوم مجموعتان صهيونيتان دوريا بارتياد مناطق وادي بن حماد في الكرك ووادي الحسا ومنطقة الهيشة في الشوبك ومقام النبي هارون في البتراء ووادي رم وتصل إلى مواقع نائية يصعب على سكان تلك المناطق بلوغها لشدة وعورتها ومشقة الوصول إليها سيرا على الأقدام ويعتبر مقام النبي هارون في البتراء الأكثر استهدافا لهذه الحملات مما دفع السلطات المسئولة لوضعه تحت الحراسة الدائمة على مدار الساعة ويعاني الحراس الأمرين بسبب ظروف العمل القاسية التي تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات كالماء والكهرباء والمشي لمسافات طويلة بأحمال ثقيلة من الماء والطعام .
تحاط الأنشطة اليهودية بطوق من السرية والكتمان وما تجمع من معلومات خلال التعامل مع الأحداث والوقائع على مدي السنوات الماضية تؤكد ان المجموعة الأولى هم تشكيلة مصغرة تتكون في كل مرة من بضعة ضباط في الجيش وانجاز مهمتهم هو شرط لاستكمال اجتياز دوره تدريبية شاقة تعقد في احد المراكز العسكرية الإسرائيلية والمجموعة الثانية طلابية من الدارسين بأقسام كليات الآثار والتاريخ الجامعية الإسرائيلية تأتي إلى وادي بن حماد لإتمام مساق دراسي تحت إشراف أساتذة مختصون وتتخفى المجموعتان بلباس مدني وحمل جوازات سفر مزيفة وتدخل البلاد سيرا على الأقدام تحت غطاء سياحة المغامرة من دون موافقات مسبقة وتتنقل لعدة أيام في مواقع محددة نائية ووعرة حاملين على ظهورهم ما يحمله في العادة الرحالة من احتياجات ومستلزمات السفر الطويل في حقائب الظهر إضافة لخرائط وأجهزة تحديد المواقع وحبال تسلق وماء وطعام وربما شيء خفيف من فراش وغطاء .
التسلل إلى المناطق المستهدفة يجري خلسة مع احتياط تام لضمان الولوج الأمن إلى الآثار التاريخية بصمت وبعيدا عن الأنظار لإتلاف المواقع الأثرية بالمحو والتحريف او إضافة كتابات جديدة ودفن قطع أثرية مزيفة وسرقة الموجود منها ولا يكتشف أمرهم إلا عند طلب النجدة إذا الم بهم طارئ أو تاهوا أو علقوا بين الشقوق الصخرية الشاهقة والسقوط أو تعرضهم للإصابة بلدغ الزواحف والحشرات فيطلبون المساعدة عبر الهواتف الخلوية والأجهزة اللاسلكية من مرجعياتهم في إسرائيل وبدورها تجري المؤسسات المختصة اتصالاتها مع السلطات الأردنية عبر السفارة الإسرائيلية في عمان .
الموقف الرسمي يبدو ذليلا إزاء استباحة الأراضي الأردنية ووزارة السياحة غائبة عن الساحة تماما ودائرة الآثار لم تحرك ساكنا بل ان المجموعات تتلقى خدمة الإنقاذ والإسعافات الأولية ويقضي العاملون في الأجهزة الأمنية والدفاع المدني جهودا إجبارية مضنية في البحث عن العسكر واقتفاء أثرهم وباستخدام المروحيات أحيانا معرضين حياتهم للخطر ويرفض هؤلاء الأشخاص دخول المستشفيات والمراكز الأمنية خوفا من إجراءات التحقيق التي قد تكشف عن حقيقة هوياتهم .
الإجراءات الرسمية طريحة حكاية تصميت غامضة تقول ان الوضع القائم يجري بأمر من فوق ويتم ترسيخها والترويج لها بالإيحاء والتلميح دون ان يقال من هي جهات ذلك (الفوق) ومدراء الدوائر يرتجفون من الخوف ويغضون النظر عما يدور في اختصاصهم من مخالفات وإجراءات السلطات العليا باهتة واستلقت للإرادة الاسراثيلية وتكتفي بمخاطبات عبر القنوات الدبلوماسية الروتينية بصيغ أقرب ما تكون إلى النصيحة والرجاء منها إلى الاحتجاج والسلطات الإسرائيلية تدرك تفاهة رد الفعل الرسمي وتتجاهل الإجابة او الاستجابة ولم يجر أي تغيير على الأنشطة التهويدية ولا تزال تسير بنفس الوتيرة باطمئنان وأمان .