«ذا فويــــــــس»

هذا البرنامج الذي استدرج البراءة والأطفال، ليكون تفكيرهم في اتجاه ان يصبحوا نجوماً يسمع صوتهم عبر المحطات، ويصفق لهم الجمهور، أي خطة دبرّت بليل لشباب واطفال وشابات هذا الجيل، لإفراغهم من كل المعاني الرجولية التي تجعلهم جزءاً من همّ الأمة وواقعها ومستقبلها، الذي لا يسر صديقا ولا يضرّ عدوا.

ابتداء نقول نحن لسنا ضد الفن الهادف، فالجمال جزء من التفكير السّوي من الناس، والقرآن الكريم تحدث عن الزينة والجمال (انظروا إلى ثمره إذا اثمر وينعَهِ) (واصبر صبراً جميلاً) (واهجرهم هجراً جميلاً)، والابتسامة صدقة، تحضرني في هذا المجال من كان يراقب الجيل الذي سبق خروج المسلمين من الاندلس، يوم أن كان اعداؤهم يرسلون اليهم الجواسيس فإذا كان انشغالهم باّلة القتال والجهاد، يقولون، تريثوا، ولماّ رأوا بكاء بعضهم على ان حبيبته قد تأخرت عنه، وأن عصفوره قد فلت من يده، قالوا الأن يمكن ان نبدأ.

لقد شوّه الفن معنى البطولة والنجومية، فيقال هذا المسلسل من بطولة النجم الفلاني، ورأى الشباب والأطفال الملايين التي يجنيها هؤلاء من وراء الفن، فسارعوا الى تقليدهم، لأنها اقصر الطرق للحصول على الثروة والجاه والأضواء، ولو كشفنا الغطاء عن كثير من هؤلاء النجوم والأبطال والفنانين، لوجدنا حياتهم من أتعس ما يمكن، بعضهم لا ينام إلا بالمهدئات، وأسر مفككة، وخيانات، هذا واقع تكشفه الاحداث وليس تجّنٍياً عليهم.

إن ارتباط أبنائنا بابطال الأمة وعظمائها ماضياً وحاضراً هو الأساس، ولعلّ جزءاً كبيراً من هذا الجيل يحفظ من كلمات الأغاني، وسير نجوم الفن، أكثر مما يحفظ من أيات القرآن الكريم، او شعر الفروسية والاداب.

البطولة تتمثل في جيل السكاكين في مقاومة المحتل، وفي رواد مشاريع نهضة الأمة الذين يحاولون الإجابة على السؤال الكبير الى اين ؟ والى متى ؟ واّخرها يا ناس نحن أمة يعرف اعداؤنا مكامن قوتنا، ونقاط ضعفنا، ودرسونا أكثر مما ندرس انفسنا ، وبعد مائة عام على اتفاقية سايكس بيكو، ها نحن اليوم في وضع اخطر من تلك الاتفاقية وهذا الجيل يضيع بين تطرف وغلو من ناحية وإنحلال وانفلات من ناحية أخرى، بين تقاليد وافدة، وأخرى راكدة، وأن اخطر من ما نواجهه هو التجهيل و التأييس والسير بأقدامنا نحو ضعفنا والمصير الذي يخطط لنا، وهذه مسؤولية النخب المؤمنة بمشروع نهضة الأمة واعادة الشباب الى جادة الطريق ، رغم كل مشاريع سايكس بيكو القديمة والجديدة.