وزارة "للتعاسة"؟

في الأردن، جميع الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم بتهمة تعاطي المخدرات كان السبب في إدمانهم "رفاق السوء". وطالما أنهم جميعهم أدمنوا بسبب رفاق السوء، فلماذا لم نلقِ القبض، منذ نشأة الدولة وحتى اليوم، على أي من رفاق السوء، ونرتاح منهم ومن شرورهم، ونعالج هذه الظاهرة الخطيرة؟ هم "أشباح" مثلا؟!


في الأردن، كل ما خطبت واحدة يقولون: "أجاها 100 عريس ورفضت". 100 عريس يعني بينهم البروفيسور، والمليونير، والمهندس، والمقاول، وفني الأشعة، والموظف. وحتى ابن خالة بيل غيتس قد يكون بينهم، فلماذا تركت 100 عريس واختارت "حمدان" العاطل من العمل، والمحكوم بقضية سرقة "حمام"، والهارب من وجه العدالة؟ نصيب مثلا؟!

في الأردن، كل ما جلست مع شخص "يقعد يتأفف" لأن المرحوم جده باع عبدون بشوال "برغل". طيب، إذا كان كل الأردنيين قد باع أجدادهم عبدون بشوال "برغل"، باقي مناطق المملكة "من كان ساكنها"؟ المغول مثلا؟!

في الأردن، أغلب الأردنيين وهم صغار كانت عيونهم زرقاء وشعرهم أشقر. طيب "على كبر" لماذا تصبح عيونهم "نيلي على صفار"، وشعرهم "مجعد" مثل "خريس الجلي"؟ هل هذا بسبب تغير المناخ مثلا؟!

مثل تلك الأوهام الشعبية، توجد أوهام حكومية. مثلا، أغلب رؤساء الوزراء يقولون إن سبب عجز الموازنة هو دعم الخبز. طيب، "ما في" أراضي للدولة تم تأجيرها لمستثمرين الدونم بعشرة قروش لخمسين سنة قادمة؟ "هاي الأراضي مش لو استثمرت بالشكل الصحيح" كانت تغطي إيراداتها عجز الخبز والكهرباء والغاز؟ إذن لنعترف أن العجز هو غض البصر عن فساد البشر، وليس النظر إلى خبز البشر!

أغلب وزراء الداخلية في الأردن لا يصرّحون إلا إذا اكتشفوا خلايا نائمة. طيب، ما أنت إذا دخلت على مصنع ستجدهم "نائمين"، وإذا دخلت على أي محل تجاري ستجدهم "نائمين"، وإذا دخلت على أي دائرة حكومية ستجدهم "نائمين".. أليس وضع البلد "النائم" أخطر أمنيا بكثير من اكتشاف أي خلية نائمة؟ فلماذا لا يصرحون وينبهون لذلك؟!

أغلب وزراء العمل يتحدثون عن استثمارات ستوفر عشرات الآلاف من فرص العمل. معاليه "بعده بفكر إنه مصانع الشيبس أو الخياطة بدها ناس تغلف وتحمل وتخيط". لمعلوماتك المصانع الحديثة اليوم عبارة عن تطبيق على التلفون؛ بكبسة زر جميع الآلات الحديثة تعمل وحدها. يعني المصنع كله ليس بحاجة سوى إلى مدير وسكرتيرة وخط إنترنت، فكيف ستوفر عشرات الآلاف من فرص العمل؟ "أي إذا حارس بوجود الكاميرات ما راح يلزمهم"!

حديثكم اليومي لم يعد يخرج عن العجز والمديونية والقروض والخلايا النائمة والصقيع والفرص الضائعة.. لم نعد نسمع تصريحا حكوميا فيه فسحة من الأمل ومن العطاء ومن الإنجاز وعدم الاستسلام للواقع والظروف الراهنة.

في الإمارات تم الإعلان عن استحداث وزارة للسعادة تكون معنية بمراجعة خطط الدولة وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع.. وعندنا "ما بتسمع إلا تبديل عبدون بشوال برغل، أو تبديل دعم شوال الطحين بدعم مالي"؛ يعني من وراء الحديث فقط عن "الشوالات" تلمس كم نحن بحاجة إلى وزارة "للتعاسة"!