مستقبل ملف 'قانون الانتخاب' كعنوان للاصلاح السياسي مرهون بالانقلاب على استراتيجية اقوال بدون افعال وبتغيير الطاقم الذي يحكم

اخبار البلد- بسام البدارين: لا احد يعرف بصورة محددة هوية الصيغة التي يمكن ان تتوافق عليها لجنة الحوار الوطني الاردنية بخصوص اكثر الملفات تعقيدا في الفضاء السياسي الاردني وهو قانون الانتخاب.
ورغم طمأنة رئيس اللجنة السياسي المخضرم والمحنك طاهر المصري للرأي العام بان القضايا الاساسية التي تبحثها اللجنة حظيت بالتوافق الا ان شعور الوسط السياسي يتواصل بأن السقف الذي يمكن ان تصل اليه مسودة قانون الانتخاب الجديد الذي سيخرج من مطبخ اللجنة وليس الحكومة ما زال مجهولا.
وبنفس الدرجة ما زالت مستويات الالتزام الفعلي بمضامين الالتزامات الرسمية الاصلاحية موضع شك من الناحية الاجرائية ليس بسبب افتراض سوء نوايا الادارة الحكومية انما بسبب التشكيك بقدرة الفريق الحالي في مستوى القرار على الايمان الفعلي باصلاحات حقيقية تعيد انتاج المشهد الداخلي.
وكذلك بسبب سيل من الخطابات والالتزامات التي اطلقت في الماضي سياسيا وتم العبث بها اجرائيا ابتداء من انتخابات البلديات في حكومة معروف البخيت الاولى الى الانتخابات العامة عامي 2007 و2008 واخيرا الى ملف سحب الجنسيات الذي تنطوي التشكيلات الاجرائية الخاصة به على عشرات الحيل البيروقراطية التي يمكن عبرها الالتفاف على القرار السياسي ويوميا.
وبسبب تراث الحكومات المتعاقبة وحلقات النخب في مواقع المسؤولية في الالتزام باقوال تختلف عنها الافعال يمكن القول بأن 'التمرد البيروقراطي والاجرائي' الذي شهدته البلاد في آخر نسختين من الانتخابات العامة حتى على ارفع القرارات والتوجيهات السياسية قابل للاستنساخ والتكرار ما دامت شخصيات من نوعية محددة هي التي تحكم وتمارس في الميدان الصلاحيات باسم الدولة والنظام.
وما دامت آليات اختيار ثم صناعة النخب تتغذى على نفس المعايير القديمة والبالية على حد تعبير النشاط السياسي محمد خلف الحديد.
وعلى هذا المنوال يصبح التفاؤل بالاصلاح الحقيقي صعبا للغاية بسبب سلسلة من النكسات الاصلاحية في الماضي وعليه لا يمكن بناء جدار متين من التفاؤل بمنتج لجنة الحوار الوطني الخاص بملف الانتخابات حصريا بصرف النظر عن هويته ما لم تقترن اي اصلاحات تشريعية بالتزامات جذرية واجرائية وحقيقية بمنطوق ومضمون الخط الملكي الاصلاحي المرجعي.
وهذه الالتزامات قد لا تكون ممكنة وفقا لخبراء لعبة الحكم والادارة ما لم يتم تطويع مفاصل التوجيه والقيادة في الجهاز البيروقراطي والحاقهم قسرا بعملية الاصلاح عبر المفاضلة ما بين الالتزام الجدي بمضامين الاصلاحات او ترك الوظيفة والصف الاول والتنحي او الاقالة.
بمعنى اخر قد لا يتوفر الامل في الاصلاح الحقيقي مع بقاء الوجوه الكلاسيكية والتقليدية المعتادة في قيادة المؤسسات العامة والمطبخ السياسي فالاصلاح والتغيير ثبت بالوجه القاطع اليوم انه غير ممكن بدون اصلاحيين ومؤمنين بالتغيير، كما يدلل الدكتور ممدوح العبادي والفرصة بدون تغييرات ثورية في نخب الادارة والحكم مفتوحة دوما على احتمالات الانتكاس الاصلاحي مجددا لان نخب الحراك الشراعي بدأت تهتف ضد الاشخاص والافراد بمعنى انها تدرك مكمن الازدواجية في خطاب الدولة عبر هوية وطبيعة من يتولون الحكم التنفيذي والاجرائي.
وتأسيسا على ذلك يصبح الحديث عن توافقات تشريعية داخل لجنة الحوار الوطني التي يشك الاصلاحيون اصلا بمستويات تمثيلها وتوازنها ونوايا تشكيلها حكوميا وتقصد غلبة رموز التيار المحافظ في تركيبتها.. يصبح حديثا ترفيا ما لم يتخذ القرار الاستراتيجي الارفع القائل بأن الافعال هذه المرة ستقترن بالاقوال.