صفارات الإنذار وجماعة عمان والمسألة التعليمية
اخبار البلد-
د. فيصل غرايبة
في الوقت الذي أطلقت في عمان صفارات الانذار التحذيرية طالبة من المواطنين عدم الخروج الى الشوارع والطرقات الا في حالات الضرورة القصوى، بسبب حالة الانجماد وتراكم الثلوج منتصف الاسبوع الماضي، كان من المفترض ان اكون في مقر جماعة عمان باحد مراكز الدراسات والمعلومات، للمشاركة في حوار مفتوح مع الدكتور محمد ذنيبات نائب رئيس الوزراء/وزير التربية والتعليم، حول واقع التعليم في الاردن وآفاق مستقبله، ولكنني لم اذهب الى هناك بسبب ذلك التحذير المعلن وتلك الحالة المعروفة، الا اني استبقت ذلك برسالة الكترونية أستفسر فيها عما اذا ما يزال الموعد قائما ام هناك نية لتأجيله بسبب الثلوج المعطلة للسير الآمن، ولكن لم اتلق الرد – كالعادة في مثل هذه المراسلات.
بيد أن من الأهم ان اقول انني قد وضعت عددا من النقاط التي كنت سأتطرق اليها في مداخلتي في ذاك اللقاء، وقد تعمدت ان لا تقع في قلب العملية التعليمية ذاتها، ولكنها تحيط بها وتؤثر عليها، بشكل مباشر ومباغت. ولعل من ابرزها ما اصطلح عليه بمفهوم «المدارس الأقل حظا» ذلك المفهوم المستحدث الذي تصنف فيه مدارس المملكة لغايات القبول الاستثنائي بالجامعات الأردنية في كل عام، فلماذا يكرس هذا الواقع وهل تنشأ المدارس على الحظوظ؟ ولماذا لا يؤخذ قسم من حظوظ مدارس ويعطى الى مدارس اخرى، حتى تتساوى مدارسنا بدرجة الحظ على المستوى المتوسط، وبذلك عدل ومساواة.
ومن الملاحظ كذلك انتشار الدروس الخصوصية وفي كل الموضوعات والمراحل التعليمية، اذ يعود الطالب الى البيت وهو غير مستوعب لادنى حد من دروسه التي تلقاها في المدرسة، عدا عن أن المعلمين حتى في المدارس الفارهة باهظة الكلفة، يفترضون ان كل اسرة تستطيع ان تعلم ابناءها كل الدروس وكل يوم، يضاف الى ما سبق ظاهرة التسيب بالمدارس التي ينسحب عليها تكرار الغياب والهروب والتأخر عن الدخول المقرر الى المدرسة، حتى ان ذاك الغياب قد يحصل جماعيا وباتفاق مسبق بين الطلبة، يرافق ذلك تطاول الطلبة على معلميهم، اذا ما اراد المعلم او حتى المدير ان يزجر طالبا او ينبهه على مخالفة او سوء تصرف. ناهيك عما ينتشر في المدارس الثانوية وحتى الاعدادية من التدخين وتناول الحبوب المخدرة، حتى اصبح بعض الطلبة من مروجيها كما يقال.
أما التربية الوطنية بالمدارس فهي ما زالت بدون تأثير يذكر في نفوس الطلبة وسلوكياتهم، رغم مناهجها المقررة وكتبها الموضوعة وانتظام طابور الصباح في كل مدرسة كل صباح ينشد فيها النشيد ويرفع فيها العلم، وانتقلت هذه الحالة وهذه الشكوى منها الى الجامعات التي ادخلت اليها مادة التربية الوطنية منذ سنوات، لتستكمل هذا الجانب في شخصية الشاب الأردني، ولكن سرعان ما انتقد النقاد اسلوب تدريسها وفحوى محاضراتها، وعبروا عن انعدام أثرها وعن عجزها في تحقيق الغاية التي وضعت من اجلها.
واما ما بقي من نقاط فهو مجرد ملاحظة عن ما يكرر كبار المسؤولين عن امتحان الثانوية العامة – التوجيهي- الحديث عنه في معرض المقارنة بين سير الامتحان واظهار نتائجه في السنوات الأخيرة كأفضل عما كان في السابق، فان التكرار في هذا الحديث والتأكيد عليه، يذهب بمصداقية الامتحان والشهادة، وما ترتب عليها من مواصلة التعليم الجامعي برمته، خاصة وهي تقترن بتصريحات اخرى لمسؤولين، يعلنون فيها ان الطالب يصل الى الصف الرابع، وهو لا يتقن الكتابة بلغته العربية.
وانقل في الختام عما اراه من ان مثل هذه الاعراض للداء التعليمي في الوقت الحاضر، بدأت تنتشر في مختلف المدارس، المحظوظة وغير المحظوظة، وباهظة التكاليف والزهيدة، على حد سواء، بشكل يستحق ان نطلق صافرات الانذار التحذيرية من جديد.