جاليات وسياسات

تجري محولات باتجاهين بين لبنان والسعودية لحل مشكلة العلاقات بينهما التي تأثرت أخيرا جراء الموقف اللبناني من إحراق السفارة السعودية في طهران الذي اعتبر مغايرا للمواقف العربية، والأمر مقبول بين الدول طالما الأساس علاقات سياسية بين الحكومات تتبدل وتتغير دائما لعلم الجميع أن المواقف محكومة دائما باعتبارات سياسية تفرضها علاقات وتباينات ومجمل ما يفرض نمط العلاقات بينها. وفي المجمل تتراوح ردود الفعل على أساس حكومة مقابل أخرى طالما لا يوجد ما يستدعي إعلان الحرب لمواجهة دولة مقابل دولة لتكون الشعوب شريكة في هذه الحالة وتتحمل التبعيات أيضا.

في المسألة السعودية اللبنانية الأخيرة انطلقت الأصوات حول تأثر الجالية اللبنانية العاملة في السعودية ما دفع لاجتماعات ومناقشات حول ضغوطات قد يتعرضون لها جراء موقف حكومتهم السياسي، والأمر تكشف عن إمكانية معاقبة الناس بسبب موقف سياسي لا علاقة لهم به، فالأصل أنهم يعملون بموجب ما لديهم من إمكانيات بعقود وشروط أصحاب العمل وليس دولتهم اللبنانية.

وفي حالات سابقة كانت تتم عقوبات الجاليات من الدول المستقبلة للعمالة الوافدة بالتسفير وإلغاء العقود وما إلى ذلك من أمور لتشكل ضغوطا على الحكومات علما أن المتأذي هم الناس الذين يتم استخدامهم كعقوبات على حكوماتهم، والحال مدان بموجب القوانين الدولية باعتبار ما فيه من انتهاكات لحقوق الإنسان والاتجار بالبشر وغير ذلك مما تتابعه منظمات عالمية متخصصة.

بطبيعة الحال ليس بالضرورة التلويح بالضغط على الجاليات أن يكون جديا وإنما في واقعه تهديدات أو للتذكير بما يمكن أن تكون بالنتائج، وفي المسألة الأخيرة لم يسمع عن تسفير أي لبناني مثلا وإنما الحديث عن الاحتمالات وما يمكن أن تقدم عليه الدولة المستقبلة، وقد بدا أخيرا أن الأمور قيد التهدئة. وفي المجمل فإن المواقف للحكومات أو الأفراد قد تشكل فزاعة للترغيب والترهيب، وقد تكلفنا مرة استخدامه عكسيا عندما تمت محاكمة زكي بني ارشيد لانتقاده دولة الإمارات وذلك عندما استخدمت الجالية الأردنية كواجهة مهددة قد تتأثر مصالحها جراء رأي يخص أصحابه وليس الأردنيين عموما علما أن الإمارات لم تلوح بالأمر وهي بالكاد تعاملت معه علنا في أي مستوى.