تأجيل الرؤية العشرية

لم يمضِ ِ وقت كافٍ على صدور وثيقة الأردن 2025 (الرؤية العشرية) ، ومع ذلك فقد اتضح من السنة الأولى أن أهداف الخطة، غير واقعية في الظروف الراهنة، وأن الاوضاع المحلية والإقليمية ليست مهيأة لتحقيق أهداف وإنجازات اقتصادية ومالية كبيرة بهذه السرعة عندما يكون هدف المرحلة هو الحفاظ على الاستقرار ومنع التراجع.


في أحسن الحالات يمكن القول إن الرؤية العشرية تمثل سيناريو أفضل الاحتمالات في أفضل الظروف ، مع أن الظروف الصعبة تفرض على الحكومة محاولة منع حدوث سيناريو أسوأ الاحتمالات.

تريد الخطة تحقيق نمو اقتصادي مرتفع يبدأ في عام 2015 بنسبة 55ر4% وينتهي في 2025 بنسبة 53ر7% ومع أننا ما زلنا في السنة الأولى من الخطة، وقبل أن تتغير المعطيات أو تحدث مفاجآت لم تكن بالحسبان، فإن نسبة النمو المحققة فعلاً تقل عن نصف الهدف المرسوم.

لقد بلغ من جرأة المخططين أن يقارنوا بين الأساسيات الاقتصادية والاجتماعية في الأردن مع بلدان متقدمة مثل سويسرا وستغافورة ، بدلاً من المقارنة مع بلدان تماثل الأردن في درجة تطورها الاقتصادي.

في رسم بياني أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ارتفع خلال احد عشر عاماً (2002-2013) بمقدار 21 مليار دينار ولكن حصيلة الضرائب لم ترتفع إلا بمقدار ثلاثة مليارات من الدنانير في إشارة إلى حقيقة أن الضرائب ، خلافاً للانطباع السائد لم تواكب ارتفاع الدخل، لكن الخطة لم تقترح النتيجة المنطقية وهي زيادة الضرائب لأن ذلك سيكون خبراً مثيراً لا يليق بالرؤية!.

في مجال التفاؤل المبالغ فيه، تتوقع الخطة انخفاض نسبة البطالة إلى 5ر8%، وانخفاض حصة العمالة الوافدة من إجمالي فرص العمل إلى 23%، وانخفاض حصة القطاع العام من العمالة إلى 30%، وكل هذا حسن إذا تحقق خلال عشر سنوات لولا أن الواقع يسير بالاتجاه المعاكس، فهذه التحسينات المرغوب فيها لا تحدث تلقائياً دون تدخل فعال.

وثيقة الخطة العشرية تستطيع أن تنتظر الظروف المواتية، أما الآن فإن ما نحتاجه هو حسن إدارة الأزمات. فنحن في مرحلة دفاع ضد المخاطر المحيطة بنا، ولم يأت بعد وقت التحول إلى الهجوم وتحقيق الأهداف الطموحة. علماً أن الفشل في تحقيق أهداف طموحة لا يمنع من النجاح في تحقيق أهداف واقعية.

وبعد، فقد يكون من الظلم محاسبة الحكومة بمقياس الرؤية.