- أحد الشعانين وعيداً سعيداً يا كرك لكل عيدٍ فرحة ولكن في كل عيد غصة وليس العيد لبس الجديد وليس كل من حضر العيد السعيد سعيد ولنا مع الحزن قصة بل أعظم قصة....ربما هم الأطفال أو لهم اخترعوا واختلقوا الأعياد وربما أننا حينما يسألنا الأطفال عن سؤالٍ لا نجد له جواب نخترع لهم بدل الجواب قصة. يشغل بالي سؤال من أين ابدأ؟ هل من القدس سأبدأ؟....هل من أخت القدس الكرك سأكمل؟ فحينما تغيب الأم تأنس من الخالة وداً وتتذكر بعض ملامح الأم وعليها تترحم فكيف والكرك الأخت الشقيقة للقدس لبغداد لدمشق لبيروت للخليل لطرابلس لقاهرة المُعِزِّ لِعَدن وقبل أن نصبح من أهل الشام كنا بالأمس من أهل اليمن. الكرك أميرةٌ بهيةٌ معشوقةٌ فالعاشق المسحور لا يبرأ من عِشقها وكلما ابتعد عنها هَدّهُ الهوى ولاعَهُ العِشق فعذراً أنني أتغزل علانيةً بحبيبتي الكرك فمثلي لا يكتم الهوى ولا الهوى بسقط اللوى كالهوى وما ظل صاحبكم وما غوى فاعذروني. من القدس ومن زهرة المدائن من مدينة السلام التي حوّلها المحتل إلى معازل ومستعمرات تحت نظر الحكومات ومن حاك المؤامرات!... من القدس عرفنا المكان والزمان حينما كان المسيح بن مريم ممنوعا من دخولها وحينما كان الناس فيها قادمين إليها ومقيمين تجمعوا ينتظرون الخلاص كما ننتظره الآن في مساحات الأوطان وليس في فلسطين فقط أو كما ينتظره الآن أهل غزة وبيت لحم. عرف المسيح ساعة النهاية ساعة الخلاص وعرف أن ما يُحاك له ولمدينة السلام قد آن فأشار على أتباعه أن يتوجهوا معه إلى القدس راكبا أتانً يباريه جحشا حتى إذا اقترب من المدينة ترجل عن أتانه وركب الجحش لمعرفة هذا الجحش بالطريق إلى القدس التي لم يعرفها ولا يريد أن يعرفها سلاطين العرب وعُرّابهم....الجحش ابن الأتان وعلى صِغر سنه وعديم خبرته يُرشد المسيح والمؤمنين الطريق إلى زهرة المدائن وليثبت لأبناء صهيون وأتباعهم وأعوانهم أن الجحش ورغم حكمة حكمائهم يستشرف التاريخ ويعرف ما لم يدر في خلد أذكيائهم .
درس في التواضع يضربه المسيح فيركب أتانا وجحشا ولم يُرهق الميزانيات ويشتري للرحلة أجمل المركبات ولو أراد أن يأتيه البراق لكان له ذلك ....ألم يكن البراق مربوطا بحائط البراق؟!....يقيني انه لو أراده لأتاه طائرا قبل أن ترتد إليه طرفه ولكن التواضع وتسطير الدروس في الزهد والتضحية والإخلاص على طريق الخلاص منعته من أن يستدعي البراق أو أن يطلب أكثر الخيل أصالةً وجمالا وهكذا يكون المُخَلص المُخلِص. يحمل المؤمنون والناس في المدينة سعف النخيل وأغصان الزيتون والشجر ابتهاجاً واحتفاءً بالمُخَلص....فمتى يأتينا المُخَلص؟....(هو شعنا ) او (أوحنا) كما في اليونانية...أو (خلصنا يا مخلصنا) ومن هنا جاءت لفظة الشعانين أو عيد أحد الشعانين وفي العربية عيد سعف النخيل أو يوم السباسب وهو مذكور في عدة مصادر وهو العيد الذي ذكره النابغة الذبياني حيث قال : وصـــدر أراح الـلـيـل عـــازب هــمــه تضاعف فيـه الحـزن مـن كـل جانـب تطـاول حتـى قلـت لـيـس بمنـقـض وليـس الـذي يرعـى النـجـوم بـآيـب لهم شيمـة لـم يعطهـا الله غيرهـم مــن الـجـود والأحــلام غـيـر عــوازب مـحـلـتـهـم ذات الإلـــــه وديــنــهــم قـويـم فـمـا يـرجـون غـيـر الـعـواقـب رقـــاق الـنـعـال طـيــب حـجـزاتـهـم يحـيـون بالريـحـان يــوم السبـاسـب تحيـيـهـم بــيــض الــولائــد بـيـنـهـم وأكيسـة الإضريـج فـوق المشاجـب يصـونـون أجـسـادا قـديـمـا نعيـمـهـا بخـالـصـة الأردان خـضــر الـمـنـاكـب ولا يحسـبـون الخـيـر لا شــر بـعـده ولا يحـسـبـون الـشــر ضــربــة لازب حبـوت يهـا غسـان إذ كـنـت لاحـقـا بقومـي وإذ أعيـت عـلـي مذاهـب ويوم السباسب كما يذكر بعض المؤرخون كان عيداً للمسيحيين يُعرف باسم عيد الشعانين، والسباسب جمع سبسب : شجر يُتخذ منه السهام. وفي الكرك.... وما علاقة الكرك ؟... فلقد عرفنا علاقة الكرك بفلسطين وعلاقة الكرك بالخليل وبالقدس وفي عيد الشعانين يحتفل مسيحيي الكرك ويحتفل معهم باقي الكركيه المسلمين كما الإخوان والجيران وكما المسيحيين من هلسة ومدانات وزريقات و... يصومون معنا رمضان ويصنعون لنا الإفطار حينما يولمون فهذا هو صديقي ورفيقي ضرغام الخيطان يُفصح لي عن أن العائلات في عشيرتهم يذبحون باكورة مواليد خرافهم ربيعا قربانا لروح جعفر الطيار، فتصور يا رعاك الله كم هي الكرك وحدوية تمقت كل فنون الشبيحة والبلطجية .....يتقاسم فيها الكركي البسيط مع الفلسطيني القادم من غرب النهر هم تحرير فلسطين ويعتقد كليهما معا أن لا تحرير للقدس إلا من الكرك!!!....ليس من الآن ولكن حينما خيم صلاح الدين في الكرك وجاء المسيحيين عربا أقحاحا مع أخوتهم المسلمين يقدمون الطعام لخيل الله – خيل صلاح الدين ولجند التحرير جند صلاح الدين وتطوعوا مسلمين ومسيحيين مع صلاح الدين وعلت تكبيرةٌ بحناجرهم تصدح : (أيا خيل الله اركبي). هي الكرك تضرب مثلا لكل أمة العرب ولكل الأوطان بالوحدة والتسامح والنضال من اجل التحرر والغد المشرق فلم يسبق أن تصارع أهل الكرك فيما بينهم على أساس طائفي ديني أو أساس مناطقي سوى مرة من المرات حينما تعاون المسلمون والمسيحيون في بناء كنيسة في إحدى قرى الكرك فاختلف الفريقان على حل المعضلة التي كادت تعكر صفو العلاقة فاختلف الطرفان على من أي فريقٍ سيكون ألخوري؟!. هي الكرك وقبل أن يلتقي درويش القطاونه مع صديقه جريس مدانات فينبري جريس ليُقنع نصارى الكرك بأن يتبرعوا بقطعة أرضٍ في وسط المدينة ويتبرع درويش بأول (شلن) - خمسة قروش- ليكون على الأرض الطهور مسجدا – مسجد عمر بن الخطاب أو كما نسميه المسجد العمري الأثري الطابع والتاريخي ورمز الكرك. كنا صغاراً نتساءل عن البيض الملون لماذا تبيضه الدجاجات ملونا؟!.... حتى فهمنا لاحقاً سبب تلوين البيض ولمن لا يعرف أروي الحكاية: فحينما غاب السيد المسيح عليه السلام حزن الناس حزنا شديدا وبكوا غيبته حتى خرجن العواتق من خدورهن وقلن رحماك ربي، عد لنا يا حبيبنا المخلص فكان وعد الرب، ففي صبيحة يوم ذهبت أحدى النساء المؤمنات لتحضر البيض من خم الدجاجات ووضعت البيضات في السلة وغطت البيضات بمنديل / شماغ!...وعادت إلى البيت تحمل السلة على كفها بجانب رأسها فلقيتها جارتها وقد سألت: هل صحيح أن المسيح سيعود؟ فتقول التي تحمل البيض في السلة وقد فعل الحزن فعله في قلبها وافقدها الأمل وكما نحن في أوطاننا اليوم بلا أمل....تقول: والله لو كان في هذه السلة بيضا ملونا وليس أبيضا لآمنت فقط بعودة المسيح ورفعت القماش عن السلة لتؤكد لجارتها أن البيض لا يمكن أن يكون إلا ابيضاً فتنظرا إليه وإذا به ملون، وقد صارت عادة واحتفاءً يذكرنا بان المسيح المُخَلص سوف يعود وها نحن في كل الدنيا مسلمين ومسيحيين وفي الكرك بالذات ننتظره في وادي عينون حيث تعمد وكما يعتقد بعض الكركية المسلمون. هل بعد هذا البيان من مقال أو مكان في الكرك للبلطجية والزعران؟! ...عاش الأردن موحدا حرا ديمقراطيا تُراعى فيه حقوق الإنسان أياً كان.....عاشت الكرك أميرة العشق المسافر في الفلك تلطم الفاسدين والبلطجية ومن وراءهم المحرضين الشياطين، ولتبقى الكرك تنتظر عودة بيت لحم والقدس وحيفا والخليل وتنتظر عودة المسيح وتحتفل به وبأحد الشعانين وعيد الفصح.....فعيداً سعيداً يا كرك!.
د. م حكمت القطاونه hekmatqat@yahoo.com tel:
+962795482538
د.م حكمت القطاونه