مقعد نسائي لكل دائرة

منذ دخلت السيدة إنعام المفتي الحكومة كأول امرأة في الوزارات الأردنية، العام 1979، فإنه لا يمكن أن نزعم أن موضوع تمكين المرأة في الأردن يسير بوتيرة مناسبة مقارنة بالمنطقة، بعد مرور 36 عاماً على ذلك الحدث، خاصة ونحن نباهي أن عدد النساء على المقاعد الجامعية يفوق عدد الرجال.

من غير المقبول أن تكون نسبة النساء من القوى العاملة لا تتعدى 12 %، وهي نصف المعدل الإقليمي في هذا المجال، ومن أقل النسب العالمية. وبعد عشر سنوات على إقرار الأجندة الوطنية وتوصياتها؛ بإزالة أشكال التمييز كافة ضد المرأة في التشريعات الأردنية، لم يتحقق إلا اليسير تشريعياً، وبقيت المرأة في الأردن تعاني من التمييز التشريعي والمجتمعي معاً.

هناك مسؤولية خاصة على النخب في مراكز صناعة القرار وقادة الرأي، لتسريع وتيرة تمكين المرأة في الأردن، ومحاربة هذه المغالاة في المحافظة في غير مكانها داخل المجتمع.

مشروع قانون الانتخاب الجديد دليل آخر على بطء وتيرة الإصلاح فيما يتعلق بالمرأة. فبعد إدخال "الكوتا" في قانون الانتخاب للمرة الأولى العام 2003، يبدو من غير المعقول أن تبقى نسبة المقاعد المخصصة للمرأة في القانون، بعد مرور 12 عاماً، 12 %، وهي ثاني أقل نسبة تمثيل في الوطن العربي كله (31.6 % في الجزائر، 31.3 % في تونس، 17 % في المغرب، 14.6 % في مصر)! هل يعقل أن تكون نسبة تمثيل المرأة في ليبيا التي لم تبن مؤسسات تذكر عبر الخمسين عاماً الماضية 16 %، أو أن يخصص للمرأة 20 % من مقاعد مجلس الشورى في السعودية، بينما لا تتعدى النسبة لدينا 12 %؛ نحن الذين ما نفتأ نباهي العالم بتقدمنا وانفتاحنا وتقدم مستوى التعليم لدينا واحترامنا لدور المرأة؟

هناك حملة اليوم تقودها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، لتخصيص مقعد نسائي لكل دائرة انتخابية من الدوائر التي سيتم اعتمادها في القانون الجديد، وذلك بدلاً من مقعد لكل محافظة كما اقترحت الحكومة؛ وهو ما سيرفع نسبة التمثيل النسائي لتقترب من 17 % من عضوية مجلس النواب، وبما يضمن عدالة أكثر في آلية احتساب المقاعد المخصصة للمرأة، بحيث تتطلب من المرشحة الحصول على أعلى الأصوات ضمن دائرتها الانتخابية وليس على مستوى المحافظة.

لم تحظ هذه الحملة حتى الآن بالاهتمام اللازم من صناع القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية على حد سواء. وما يزال العديد منهم يرى تمثيل المرأة وكأنه ترف أو منّة أو بدعة أجنبية، بدلاً من كونه تجسيداً لمبدأ المواطنة المتساوية وتعميقاً لمسيرة التنمية. حتى الحكومة التي صادقت على الاستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية (2013-2017)، والتي تنص على أن لا تقل نسبة المرأة في المجالس المنتخبة عن 20 %، أخلّت بالتزاماتها في مشروع قانون الانتخاب الجديد.

لنقارن ذلك مع الفصل 46 من الدستور التونسي الذي ينص على أن الدولة تسعى لتحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة؛ أين نحن من هذه النظرة المتقدمة للمرأة والمواطنة؟

لا يحتل هذا الموضوع اولوية كبيرة، حتى الآن، داخل الدولة الأردنية. يساهم في ذلك أن مؤسسات المجتمع المدني عامة، والمنظمات النسائية خاصة، بحاجة لإيصال صوتها إلى مستويات أعلى، وبكل الوسائل السلمية المتاحة؛ من جمع العرائض والتظاهر ومقابلة أكبر عدد ممكن من المسؤولين.

بعد 41 عاماً من إعطاء المرأة حق الانتخاب، و22 عاماً من دخولها مجلس النواب، تستحق المرأة ويستحق الأردن نسباً تمثيلية لها أكثر بكثير من النسب الحالية، حتى تتفق ممارسة الدولة الأردنية مع خطابها فيما يتعلق بالمرأة وتمكينها.