اسامة الراميني يكتب.. الطقس في الاردن وقلاية البندورة

أخبار البلد -

الجهات الرسمية المعنية بالاحوال الجوية ينطبق عليها المثل (كذب الكذبة وصدقها) فهي لا تريد مطلقا الاعتراف بان المنخفض الجوي الذي قيل انه دسم ومحمل بالثلوج هو مجرد منخفض ضحل باهت مغشوش مضروب ولا يحمل لا ريحة ثلج او اي شيء ابيض سوى فشل خرائط صنعها اولاد وصدقها العباد.. ممثلو هذه الجهات تحولوا الى نجوم سينما يتنقلون من محطة الى محطة ومن اذاعة لأخرى وتصريحاتهم عن اخر المستجدات ملأت الدنيا هديرا وزئيرا لكن الواقع كان عكس ذلك تماما (فالجو حلو، والطقس احلى من هيك عبث) .. بعضهم اظهر بطولاته وتضحياته واستعداداته وجاهزيته وبعضهم استعد لان يرسل الخبز الى جزر القمر والشواهد كثيرة والادلة أكثر وأكثر.. نعم سقطنا جميعا في امتحان الثلج المغشوش فالشعب نظف كل شيء ولهط كل ما يمكن ان يلهط والمسؤولون عقدوا عشرات الاجتماعية ولا زالوا وبعضهم دفع الملاين في شراء معدات وتجهيزات مناسبة ومع ذلك لم يسقط الثلج الى الان باستثناء دفقات ونثرات نزلت على حياء فوق بعض المناطق واقصد هنا عمان التي يتساءل اهلها اين الثلج ؟! ومن الذي خطف الثلج؟! ولماذا جرى كل ذلك؟.

كنا نحذر دوما من ان شؤون البلد وطقسه يجب ان يكون بيد مؤسسات كفؤة ذات خبرة وعلم ومعرفة ودراية مزودة بتجهيزات قادرة على التحليل والربط والتوقع والتنبؤ وليس مجرد مراكز تدار بالواسطة وتسيطر عليها عقليات متحجرة وصلت الى المناصب بحكم الاقدمية والواسطة.. اكاد مثل غيري ان اجن عندما تتلقى اجهزة الدولة ومؤسساتها الرسمية والخدماتية وحتى الامنية معلوماتها في مجال الطقس من صبي لا يعرف سوى ترجمة خرائط من مواقع عبرية تابعة لطائرات العال الاسرائيلية فهل يجوز ان يتحكم ولد بالبلد فاي دولة في العالم نحن عندما نترك شؤون من يحدد ماذا نرتدي غدا شاب تخرج كما يقال من كلية الصيدلة او ربما من كلية للعطارة ولا ادري ما علاقة الصيدلة او اي تخصص اخر بالتنبؤات الجوية.. فكل شيء في الاردن جائز وظروري ويحدث فلا تستغربوا ان يستلم هذا الصبي يوما ما احدى الوزارات فغيره حصل على اكثر واكثر .

ما ذنب الوطن ان يتعطل ويتبعثر من قراءات مغلوطة غير مدروسة ؟! وما ذنب المؤسسات والدوائر الرسمية ان تعلن حالة الطوارئ لمجرد نشرة اخبارية لهاوي او مهوي ؟! ومن يدفع ثمن عطلة الموظفين والعاملين الذين صدقوا هؤلاء الكذبة المنجمون في كتب العلم ؟! ومن يدفع ثمن التجهيزات والاستعدادات والادوات التي دفتها الوزارات والمؤسسات الاخرى وهي تستعد لمنخفض مضروب ؟! ومن الذي يتحمل العبء المعنوي والمادي الذي نجم عن الارباك والفوضى جراء سياسة التضارب المغلوط بين مراكز الرصد العامة والخاصة حيث ان التقديرات الاولية التي دفعها الوطن جراء ذلك تتجاوز الخمسين مليون دينار من شراء خبز ومحروقات ومواد غذائية وتعطيل وبدل مياومات وشراء اليات وملح واشياء اخرى ؟!

لا نعلم اين هيبة الدولة والنظام والحكومة وهي تشاهد بام عينها حالة الانفلات التي لم نعشها من قبل مع حالة الطقس الذي فرقنا وخرب بيوتنا ودمر استقرارنا .. اين هيبة الدولة وهي تجد ان وزراء سابقين قد وقعوا اتفاقيات مشتركة مع هواة لتزويدهم باحوال الطقس وبعضهم زار المركز في الموقع ؟!

ما جرى في الاسبوع الماضي لا علاقة له بالطقس ولا باي شيء اخر الجميع كان على اعصابه ننتظر شيء لا يأتي ابدا ثم نصدق كذبة يتم دبلجتها بالصوت والصورة عبر الشاشات ونتكيف معها ثم نصحوا على كذبة اخرى ودواليك وكأننا في حالة حرب الكل يحلل ويفتي ويقول كلمته وكأن موضوع الطقس اشبه باكلة شتوية على الجميع ان يبدي رأيه بها.. نعم عشنا حالة غير موجودة في اي دولة في العالم الكل يحلل ويفتي ويرسل والكل يصدق ويتابع والثمن هو اننا ندفع كل شيء مقابل هذه الاكاذيب التي صنعتها مراكز الهواة التي تتعامل مع الطقس وكأنه طالع حظ او قراءة فنجان ولذلك قررت ان استمع الى فيروز وثلجها وشادي الذي اضاعته بدلا من الاستماع الى هؤلاء الذين عليهم ان يعتذروا ويعودوا الى مهنهم السابقة فالطقس يختلف عن قلاية البندورة.