جماعة عمان لحوارات المستقبل
اخبار البلد-
ابراهيم العجلوني
تشكّل «جماعة عمان لحوارات المستقبل» خطوة نوعية متقدمة بالقياس الى ما اعتدناه في حياتنا الثقافية من انماط العمل الجماعي, فهي تقوم على رؤية فكريّة وعلى فلسفة عملية في آن, وهي تعرف حيثيات الواقع الذي تتحرك فيه, وليس اختيارها لاسمها مجرد وقوع على لافتة تنبّه الى وجودها, ولكنه يعكس وضوحاً في تبيّن اهدافها بعد تبين موقعها في المكان وما تتطلع الى انجازه في مسار الزمان.
إن انطلاق هذه الجماعة من «عمان» عاصمة الاردن التي هي اليوم مهوى افئدة العرب جميعاً, والتي تعتبر انموذجاً قائماً للعقلانية السياسية والسلم المجتمعي, واعتمادها «الحوار» منهجاً, وتوجيه انظار باحثيها نحو المستقبل واستشرافه بطرائق العلم وأدواته. ثم توفرهم على روح نقدية في مواجهة الظواهر الاجتماعية والثقافية والسياسية.. كل ذلك يؤهلها لأن تكون في سمت الريادة, وأن تحقق ما تقاصرت دونه كثير من الروابط والجمعيات والمؤسسات ومراكز الابحاث التي لم تكن, في الجملة من أمورها, تنقد أو تحاور أو تستنبئ الحاضر عن مؤشراته المستقبلية.
يقول الاستاذ بلال حسن التل رئيس جماعة عمان لحوارات المستقبل: «ان حاجتنا لجماعة نقدية تعمل عملها في كل مكونات حياتنا الفكرية والاجتماعية والتربوية والعلمية والسياسية قد بلغت درجة الضرورة الملحة, لانه بدون هذا النقد لن نخرج من دائرة التخلّف, فالنقد من اهم اسباب الرقي والتطوّر والتخلّص من العيوب والاخطاء».
والنقد كما يراه الاستاذ التل «يرتكز على الوعي وعلى قدرة من يمارسه على الوعي والتمحيص, وأن يتميز بسعة الاطلاع وعمق الثقافة, وأن تكون لديه الاستطاعة على الجمع بين القدرة على التمحيص والقدرة على تقديم البدائل التي يمكن بها تحقيق النهوض الحضاري».
لقد كان من أهداف جماعة عمان لحوارات المستقبل المحافظة على الثقافة الوطنية, وبناء نظام تربوي تعليمي متطور ومتوازن, وبناء اعلام دولة يمثّل الوطن والشعب. وكان من وسائلها الى ذلك المسح المتجدّد لأهم قضايا الوطن ودراستها على نحو علمي موضوعي, وبناء تصورات ايجابية ازاءها وتقديم حلول واقعية, وإن من يقرأ ما اصدره الاستاذ بلال التل في كراسة مستقلة تحت عنوان «لماذا جماعة عمان لحوارات المستقبل؟» ثم يقرأ النشرة الاولى والنشرة الثانية من سلسلة الوثائق التي اصدرتها الجماعة يعلم يقينا مبلغ الجدية التي تنتهجها واتساع دائرة الاهداف التي تسعى, على بصيرة, للوصول اليها.
لقد تضمنت كرّاسة التعريف بالجماعة دواعي اقامتها وما تختلف به عن «الحزب» و»المنتدى الثقافي». ثم اشتملت على فصول مهمة تحت عنوانات: «أين نحن من الحضارة» و»تحديد الاولويات» و»بناء الثقة والامل» و»المهم, والهم, والمهمة» و»المسؤولية الفردية وروح الجماعة» و»تعزيز الشفافية, محاربة الواسطة» و»هوية الدولة ودلالات الاسم» و»المضمون الاقتصادي لهوية الدولة وهي كلها فصول مكتوبة بأعلى درجات المسؤولية الوطنية والاخلاقية والمعرفية. وهي جديرة بما تتضمنه من رؤية ومنهج بأن تعقد لتدارسها الندوات ولأن تكون ضمن مقرر الثقافة الوطنية في المدارس والجامعات.
اما النشرتان الاوليان في «سلسلة الوثائق» وتحمل احداهما عنوان «وثيقة التماسك الاجتماعي»: نداء الى ابناء الشعب الاردني وبناته بكل فئاته الاجتماعية, وتحمل الثانية عنوان «مبادرة: أمة واحدة في مواجهة التكفير». فإنهما تعكسان الرؤية السابقة وتمثلانها خير تمثيل, وتظهر أننا على جانب من ديباجة معرفية ذات مستوى ننتظر من صاحبها المزيد وندعو له بالتأييد.