إعفاء النقل يجافي المنطق

كشف وزير النقل الجديد أيمن حتاحت عن نية الحكومة تخفيض ضريبة الدخل على قطاع النقل العام نظراً لما يلاقيه هذا القطاع من صعوبات جمة بعد إغلاق الحدود السورية والعراقية مما سبب له خسائر قدرتها هيئة النقل البري بحوالي 350 مليون دينار خلال أربع سنوات من الربيع العربي المشؤوم.


هذا التخفيض الضريبي على قطاع النقل ليس منطقياً ، ولا يخدم غرضاً ، فماذا تستفيد شركات النقل الخاسرة من الإعفاء على أرباح لا وجود لها؟.

أغلب الظن أن هناك أرباحاً يراد إعفاؤها من دفع مستحقات المجتمع الذي يؤمن للقطاع الطرق المعبدة ويفتح لها الأسواق.

ليست كل وسائط النقل عاملة على خط دمشق أو بغداد ، فهناك شركات نقل لم تتأثر بالاحداث ، وتعمل باتجاهات أخرى إلى دول الخليج العربي وشمال إفريقيا ، وهناك شركات نقل تعمل على الخطوط الداخلية ، فلماذا تعفى من الضريبة؟.

مثل هذا القرار يقدم منحة لمن لا يستحق ، وهدية فارغة لمن يخسر ويستحق المساعدة.

ضريبة الدخل أعدل الضرائب التي اخترعها الإنسان ، فهي لا تصيب سوى الأرباح ، ولا تكلف من يخسر أو لا يربح ، ولذلك فإن الإعفاءات لا تصلح كأداة دعم ، لأن منافعها تذهب لزيادة أرباح الرابحين ، وترك الخاسرين يندبون حظهم العاثر.

أما من حيث التوقيت فإن القرار يأتي في غير محله ، فالمعروف أن أكثر من نصف كلفة النقل تأتي من الوقود الذي هبط سعره إلى أقل من النصف ، بل إن قطاع النقل بالذات هو المستفيد الأول من انخفاض أسعار البنزين والسولار دون أن يؤدي ذلك إلى تخفيض أجور النقل ، مما يعني زيادة في الأرباح التي يراد إعفاؤها.

ُيلاحظ أيضاً أن قانون الموازنة العامة يطالب الحكومة بزيادة الإيرادات المحلية خلال هـذه السنة بحوالي نصف مليار دينار ، فهل سيتم تحصيل هذه الإيرادات الإضافية عن طريق السخاء في منح الإعفاءات لمن لا يستحق؟.

وزير النقل الجديد جاء من قلب القطاع الخاص وفي ذهنه أرباح الشركات وليس إيرادات الخزينة ، وهو بحاجة لبعض الوقت كي يتأقلم مع حقيقة أنه أصبح وزيراً مسؤولاً يمثل الدولة والمصلحة العامة ، وقد يجد نفسه في مواجهة القطاع الخاص في بعض الحالات.