نحن في ضائقة

في زحمة الحديث عن الإصلاح السياسي وتفاصيله وأشكال المسيرات والاعتصامات، يجب أن لا ننسى أننا نعاني من ضائقة مالية، وأن عجز الموازنة الأولي كان بليوناً ونصف البليون من الدولارات قابلة للزيادة، وبخاصة في ظل الارتفاعات المتتالية في أسعار النفط نتيجة الأحداث حولنا.

ولأن الأبعاد السياسية هي التي تحكم الكثير من القرارات، فإن أسعار النفط محليا ثابتة منذ نهاية العام الماضي رغم كل الارتفاعات العالمية، وهذا استفاد منه المواطن. لكنه من جهة أخرى كان عودة إلى سياسة الدعم للمشتقات النفطية، وتحمل الخزينة لتكلفة الدعم، وبالتالي زيادة عجز الموازنة برقم متصاعد ومتغير حسب تداعيات سوق النفط العالمية والأحداث العالمية.

نحن في ضائقة اقتصادية لها ذات الأولوية التي للإصلاح السياسي، لأننا لا نريد أن نجد أنفسنا نهاية العام أمام زيادة كبيرة في المديونية وانخفاض في نسب النمو وغيرها من المشكلات، فهذا إن تحقق سيفتح الباب لمزيد من المشكلات الاقتصادية.

شهدنا خلال الأسابيع الماضية لقاءين بين الملك وعدد من الفاعليات الاقتصادية للبحث في الوسائل والخطط التي يمكن أن تقدم الحلول. وهناك جهد في هذا الاتجاه، لكن الخطوة المهمة أن تعيش كل الدولة الإحساس بالمشكلة.

ومع كل الأمنيات لكل الدول الشقيقة بالأمن والاستقرار، فإن مزيدا من الهدوء السياسي في الشارع، ومتابعة مسارنا الإصلاحي عبر الحوار والنقاش، وإقرار التشريعات الإصلاحية، سيعطي الأردن ميزة في مجال السياحة التي تمثل في السياق الطبيعي نشاطا اقتصاديا مهما، ويمكن أن يكون هذا الموسم أفضل، وبخاصة في ظل عزوف السائح العربي والأجنبي عن دول مهمة سياحيا مثل مصر ولبنان وسورية.

ولهذا نحتاج إلى مزيد من الهدوء ونقل الحوار إلى الطاولة، وأيضا إلى جهد منظم من الجهات الرسمية من أجل تسويق الأردن سياحيا، لأن سياحة هذا العام تحتاج إلى تسويق خاص وسياسي يضاف إلى التسويق التقليدي الذي كنا نشكو دائما من بعض الضعف فيه.

السياحة لن تحل كل المشكلة، لكنها قطاع مهم، ولها واقع خاص هذا العام، لكن الأمر يحتاج إلى جهد على صعيد زيادة الاستثمارات الخارجية، وربما أيضا زيادة حضور رأس المال الوطني الأردني في مشاريع استثمارية.

أهل الخبرة لديهم أفكار عديدة، لكن المهم أن ندرك جميعا أننا في ضائقة مالية، وأن الأمر مهم جدا وفي مرتبة الأمور السياسية، وأن مسارات الإصلاح يجب أن تكون متوازية لا أن نجد أنفسنا في نهاية العام وقد تعاظمت المشكلة المالية وأصبح الحل أصعب، لأننا في زمن يخلو من الحلول السحرية أو المساعدات الأخوية التي ترفع المعاناة بشكل يجعل صاحبها يركن للهدوء. وحتى لو كانت هناك أية مساعدات من أية دولة شقيقة، فإنها قد تقدم عونا لكن هذا لا يغني عن جهد نقوم به نحن، وبخاصة في توفير حلول تترك آثارا جذرية في بنية الاقتصاد الأردني.