مـــفـــارقـــات أردنـــيـــة

في الوقت الذي تسمح فيه القوانين للزوجة بالسفر والتنقل دون موافقة الزوج مع ابنائها – باعتبار هذا انتصارا للمرأة ، وباعتبار ان معظم الازواج يشكون من تحكّم زوجاتهم بالقرار الاداري والمالي - ، ما زالت المرأة غير قادرة على فتح حساب بنكي لابنتها في اي فرع من فروع البنوك العاملة بحجة انها ليست وصية على ابنتها حسب الناشطة الحقوقية هيلدا عجيلات ، المرأة التي حملت ابنتها تسعة اشهر وتُعنى بتربيتها مع باقي الابناء لا تستطيع حمل وزر فتح حساب بنكي لابنتها ، ورغم ذلك ما زالت بعض القوى تنادي بأن تمنح الاردنية الجنسية لابنائها ، وتنادي بعض التيارات المدنية والنيابية بحقوق لابناء الاردنيات ، اقترح ان ننهي حقوق الاردنية وابنتها الاردنية ثم نتفرغ لابناء الاردنيات المتزوجات من غير اردنيين .


كان الاصل ان نشتكي الى مجلس النواب كي يعمل على استصدار تشريعات ضامنة للمرأة بمختلف مستوياتها الاجتماعية تلك المستويات التي نطلقها كل احتفال بيوم المرأة فقط حيث تستلم المرأة موقع القيادة في المؤسسات دون اي قرار ، فهي الام والاخت والزوجة وباقي الالقاب والصفات وثمة من يتطرف ويقول شقائق الرجال ومن تأخذه الحماسة فيقول انا اخو فلانة ، لكن المجلس النيابي حقق اعلى مفارقة غرائبية في تاريخ الحياة السياسية الحديثة ، عندما اعلن ان التصويت على الموازنة برفع الايدي رغم وجود انجاز تكنولوجي عظيم – حسب تصريحات النواب – اسمه التصويت الالكتروني لذلك نستأذن المرأة في عدم الانتخاء بالسادة النواب في تحصيل الحقوق .

على صعيد متصل لموسم الغرابة السائد يتحدث مسؤول حزبي عن حقوق المرأة ويرفع برنامجه الحزبي المناصر لحقوق المرأة ولكن بمفردات اكثر حماسة وثقافة من المصطلحات الشعبية ، وعند استعراض مكتبه السياسي ولجنته المركزية نكتشف ان المرأة غائبة عن التمثيل في تلك المواقع ، بل ان احد الرفاق الثوريين قال في لحظة غضب " ان المرأة تُميّع العمل الثوري " ولذلك نستأذن الناشطات والنشطاء في عدم الذهاب الى الاحزاب كي تمارس ضغطها على النواب والحكومة لاستصدار قرارات وتشريعات تُزيل التشوهات عن واقع المرأة في الحياة العامة الاردنية على اختلاف تفاصيلها وتنويعاتها .

لم يتبقَ لنا الا النشطاء ومناضلي العالم الافتراضي كي يعلنوها ثورة من اجل حقوق المرأة ، فنكتشف انهم بمجموعهم مؤمنون بحقوق المرأة وبحقها في المساواة ، بل ان احدهم وهو يساري سمح لزوجته بارتداء الحجاب لانه حق شخصي لا يسمح لنفسه بالتدخل فيه رغم يساريته الماركسية ، ثم ينتفض الرجل هلعا عندما يعلم ان زوجته قد قادت السيارة دون اذن مسبق منه وثمة رجل لا تعرف زوجته حد اللحظة استخدام بطاقة الصرّاف الالي رغم انها موظفة ، وما سبق ليس من باب المبالغة بل هي قصص حقيقية لاشخاص موجودون بين ظهرانينا ونتعامل معهم يوميا ، فهم يؤمنون بالحقوق والمساواة لكل النساء باستثناء امه وزوجته واخته ، ولذلك لن نستطيع الحصول على الاسناد من العالم الافتراض ومتحوليه .

اخر المفارقات ان معظم الرجال في الاردن محكومون لزوجاتهم ويخشون غضب الزوجة اكثر من غضب الدولة ، فكيف يمكن تفسير كل المفارقات السابقة في ظل قوة وصلابة موقف المرأة على الزوج في المنزل وخارجه ، فالسهرات الذكورية عادة ما تبدأ بشتم الحياة الزوجية ولعن الوقت الذي اقدم فيه الرجل على هذه الخطوة ، ثم يبدأ موسم التكاذب في اسباب التأخير والحديث بصوت هامس بعيدا عن الاصدقاء لتبرير التأخير ، قضية المرأة واقعة بين مفارقات عجائبية اولها ان المرأة في الاردن تحمل عقلا ذكوريا وثمة من تطرفن اكثر فبتن ممن ينطبق عليهن القول " رجال مموهون " اقصد بالتفسير الذهني وليس الشكل الخارجي فما زالت المرأة مستكينة لفكرة ظل الحائط وما زال الرجل اسير سطوة المرأة والحل الوحيد هو اعصار فكري يغمر العقول بماء زلال يغسل الادمغة.