سياسة الأبواب الأردنية المفتوحة

زار عدد من الأساقفة في الأيام الماضية مملكتنا الحبيبة، واطّلعوا على المؤسسات الكنسية المحلية العاملة في المجالات الروحية والثقافة والخيرية وغيرها. بالإضافة إلى زيارتهم لبعض الأماكن السياحية والدينية التاريخية الهامة.

وعقب المشاركة بعدد من اللقاءات، لم أجد أبلغ من عنوان «سياسة الأبواب الأردنية المفتوحة» عنواناً لهذه الزيارة وغيرها من زيارات الوفود إلينا بشكل يومي. ولعّله قدر الأردن- بل خياره- أن يكون منفتحاً على جميع أطياف العالم، بصدد التعاون والشراكة الانسانية المشهود لهما في دول العالم. فالأساقفة القادمون من أميركا وكندا ودول أوروبية وجنوب أفريقية، عرفوا وأسسوا، بالتعاون مع بطريركية اللاتين، ما أصبح اليوم مؤسسة عنوانها «التنسيق من أجل الأرض المقدسة» ، وهم يدركون أن الأردن جزء من هذه الأرض، لذلك اختاروا القدوم إلى هنا بعد زيارتهم بيت لحم وبيت جالا والقدس وغزة وغيرها من مدن الأرض المقدسة التي ما زالت تعاني وتتطلع إلى مستقبل الأمن والاستقلال.

وفي مجيئهم إلى الأردن – شاهدوا تطوّر مؤسساتنا التربوية التي تشرف عليها الكنائس الكاثوليكية، واطلعوا على ما تقدمه جمعية «الكاريتاس» – أو المحبة الأردنية التي أصبحت عنواناً يومياً للتضامن والتكافل والشعور مع الأخوة الأقل حظاً من المواطنين الأصليين أو الأخوة المهجرين من العراق وسوريا وقد التقوا بالعديد من عائلاتهم وصلوا معهم وشاركوهم الطعام.

ويمكن تلخيص الهدف من جولة الاساقفة بثلاث كلمات: الصلاة والحج والضغط: الصلاة في الأماكن التي تثير المواجع البشرية: في فلسطين لأنها ما زالت محتلّة، حيث صلّى الأساقفة في غزة وكذلك في بيت جالا أمام الجدار الفاصل الممتد كالأفعى، وشاهدوا كيف تقتلع قوات الاحتلال أشجار الزيتون.

وفي الأردن صلوا لكي يحفظ المولى هذا البلد آمناً ومستقراً، ورفعوا أيديهم مع الأخوة المهجرين مصلين إلى رب العباد أن يعيد الطمأنينة إلى بلدهم العراق وسوريا. وأصغوا إلى كلمات المهجرين القائلين: « نحن هنا في أمان، إلاّ أننا نرغب بحلول جذرية «.

أمّا الحج فهو للأماكن المقدسة، وهنا يستطيع الأساقفة لدى عودتهم الى بلدانهم أن يحثوا مواطنيهم على الترويج للسياحة الدينية من مواطنيهم إلى الأردن وفلسطين، دعما للقطاع السياحي المتراجع مع الأسف منذ سنوات. إلاّ أن الزيارة هذه المرة قد خلت من لقاء مع أي جهة سياحية رسميّة، وهذا ما كنا نرجوه.

أما الضغط، فناجم عن تكوين قوى لحث صنّاع القرار على العمل الجدي من أجل السلام والعدالة، ومساعدة الأردن في تداعيات ومتطلبات وضريبة أبوابه المفتوحة، وإيجاد حل «جدّي» لمشكلة اللاجئين المتفاقمة.

الجميل في الامر، انّه في ذات اليوم وذات الوقت الذي كان الأساقفة الكاثوليك التابعون لسلطة البابا، يعقدون مؤتمرا صحفيا في الاردن، ويتحدّثون عن «سياسة الابواب الاردنية المفتوحة»، كان البابا في الفاتيكان يلتقي اعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي قائلا لهم: «أقدّم امتناني لكل المبادرات المتخذة من أجل تعزيز استضافة كريمة للأشخاص المهجرين، وبالأخص أحيي الأردن الذي لم يغلق حدوده على الرغم من استضافته أصلا لمئات آلاف اللاجئين».

الأبواب المفتوحة: خيار ، قدر... لكنه موضع فخر.