بقاء الحال من المحال

مر اكثر من ربع قرن على اندلاع حرب الخليج الاولى التي حلت بعدها الثانية والثالثة وما زال العراق ينزف وقد بلغ عدد قتلاه طوال المدة بالملايين والمصابين اكثر منهم مرافقا لذلك دمار شامل في كل شيء، وافصح القول ما أتى به اياد علاوي اخيرا انه ليس هناك دولة عراقية الان وانما سلطات فقط ليس بمقدورها ادارة دولة، لأنه يتنازعها اطراف بأطر خاصة ابرزهم تنظيم القاعدة، وان استشراء الطائفية السياسية عزز من غياب الدولة وزاد عليها مزيدا من القتل المتبادل، وانه مع كل عملية تفخيخ وتفجير يترسخ اكثر عراق مجهول النهاية.

وان الدولة العباسية برمتها على ما كانت عليه من قدر ذهبت الى غير رجعة، وبغداد تنازعتها من بعد قوى الاستعمار ومن ثم كل الذين تولوها زادوها الما وتخلفا، وهي اليوم مجرد ساحة حرب، ولم يعد غريبا ان تنتهي الدولة العراقية الى الابد كما انتهت من قبلها من سبقها وزالت وان استمرت بغداد بذات المكان وليس المكانة وقد تفاوتت مرارا من القمة الى الحضيض كما هي الان.

قبل الدولة العباسية شهد التاريخ انهيار الدولة الاموية وقد ورثتها الدولة العباسية، وقد بقيت دمشق الى ان تحولت الى عاصمة سورية كحال بغداد عراقية، وهذه وتلك الان مدن الحرب والقتل، وكحال الدولة العراقية حال الدولة السورية، فمن يصدق انه ممكن عودة هذه الدول مرة اخرى على ما كانت عليه وانه ممكن التصالح والتنازل والتسامح لتعود الى سيرتها الاولى وما عاد العراقي نفسه ولا السوري ايضا.

مئات او آلاف الدول غابت شمسها وحلت مكانها كيانات غيرها وتكرر الحال مرار وما زال الامر يحدث، وفي واقع ما يجري تتسيد مؤهلات الغياب والتغيير والاحلال. وان شهدت نهايات القرن الماضي بروز دول جديدة نتجت عن تفسخ الاتحاد السوفياتي مثل اوكرانيا ومولدافيا وجورجيا وكزاخستان وغيرها، ومثلها من الاتحاد اليوغسلافي كصربيا والبوسنة والهرسك وكرواتيا، واخرى مثل تشيخيا وسلوفاكيا، وغياب المانيا الشرقية، فانه لن يكون غريبا ان تشهد بدايات القرن الحالي ذات الامر فيما يعرف بالمنطقة العربية او الشرق الاوسط.