وسط الشدة والأحداث العنيفة : غاب الأعيان والنواب والشخصيات فظهر ملتقى الزرقاء الوطني
أخبار البلد كتب-عمر شاهين : مع الجمعة الهادئة 22/4/2011 تكون مسيرات واحدث الأردن مر عليها أربعة أشهر ، ولم يتبق سوى أسبوعين على لجنة الحوار الوطني بأن تحسم جدل قانوني الانتخاب والأحزاب،فيما تتحرك هيئة مكافحة الفساد جيدا نحو كشف الملفات الواضحة وبدعم جلالة الملك، ولم نخسر في كل هذه الأحداث سوى فقيد واحد ، ومع سكون الشارع الأردني المحاط ببركان ثورات محيطة لا بد للحكومة أن تقدم إصلاحا اقتصاديا وسياسيا ومحاسبة ظاهرة وفاعلة للفساد، حتى لا تعود حالة الغضب للشارع.
وسط ذلك الزحام وعلو الموج السياسي، ودخول قباطنة السفن إلى الداخل، وصعود مبكر إلى الجبال تجنبا لتلك الأحداث التي هدأت مؤقتا ظهر ملتقى الزرقاء الوطني ليكون علامة مميزة وسط تلك الفوضى وليضع في أصعب الانزياحات السياسية ، برنامج عملي ونظري للخروج من الأزمة الشديدة.
الظروف السياسية التي مرت على الوطن العربي والأردن كانت في غاية الصعوبة ومعقدة أكثر من كل الأحداث السياسية التي جرت في ال 60 عام الماضية، وأشدها حالة الخوف من الانفلات السياسي، وغياب كامل للنخب السياسية، عن الحدث وأولهم النواب والأعيان، فالنواب كانوا تلقوا خطاهم في ثقة ال 111 لحكومة سمير الرفاعي والتي سقطت شعبيا بعد 40 يوم من الثقة الخارقة، والأعيان كانوا ينتظرون ما تمليه عليهم الحكومة ،وظهر ان كثيرا من النخب ليس لهم تأثير على الشارع وخاصة المقربين منهم للحكومة، فيما كانت الأجهزة الأمنية تلتزم الصمت ومراقبة تسارع الأحداث، وهي المسير الأكبر بالخفاء للعديد من الشخصيات والحركات، وخشيت النخب أن تظهر ويكون لها موقف واضح .
ما حدث في مصر صنع حالة خوف كبير من انتصار المعارضة ، لذا فضلت الشخصيات الحكومية والمقربة منها ، ألا تضع في ضمن قائمة أعداء الثورة كما حدث في تونس ومصر، فاخفوا أي موقف واضح وصريح ضد المسيرات ، وفي المقابل خشيوا الوقوف مع مطالب الإصلاح الحقيقية، حتى لا يضعوا أيضا في صنف المنقلبون ضد الحكومة، أو أصحاب الثورة الجديدة ، وغيرها، إلا أن حصر الحال السياسي في الأردن في هذين الصنفين كان خاطئ جدا ويدل على سطحية سياسية ، فهناك مساحة واسعة كانت للتحرك ضمن الإصلاح السياسي العقلاني المتزن البعيد عن توتير الشارع، أما السكوت فقد كان جريمة.وهذا انعكس بشكل واضح أيضا على الكثير من الحركات السياسية، ولا يجوز اليوم من يخرج علينا لينظر في الإصلاح ولا في امن الشارع ولا في حسنات أو سلبيات الأردن، طالما التزم السكوت طوال أربعة أشهر .
منذ 7/1 /2011بدات أول المسيرات المطالبة بالإصلاح السياسي وكانت في ذيبان بعدها بأسبوعين، دخلت الزرقاء عبر حزب الوحدة الشعبية والإخوان لمسلمين، وبدا تصعيد الخطاب في مسيرات المحافظات ، وأعلن حزب جبهة العمل ان الفرصة ذهبية لتحقيق المطالب، وكان الإخوان المسلمين قد استفردوا في الساحة تماما ، وسيطروا على الشارع ، دون أن نقرا أو نسمع من يدافع عن هذه الدولة التي أحسنت للكثيرين، ووقفت معهم ضد الإخوان في انتخابات عديدة ، وظلت الدولة ستعمل النفس الطويل جدا، لتستوعب ضنك المرحلة حتى عندما قيل عن تقليل صلاحيات الملك ، وشتمت الأجهزة الامنية وخونت الحكومات وتذكير الدولة بما حدث في مصر، ومع ذلك تركت الحكومة وحيدة، ولم نقرا بيانا جريء يقول للمعارضة هذا التصعيد خطير أو يخفف من حدة التدحرج، حتى من أكثر الشخصيات التي وقفت معهم الحكومة صدقا وزورا.
كان لا بد وسط تلك الحالة أن يخرج ملتقى الزرقاء الوطني متحديا كل الصعوبات وباستقلالية كبيرة، فكان التجمع الأول بعد عشرات التلفونات إن لم تكن المئات من قبل الأعضاء ، وكان التشكيل الأول يحرص على تنوع كبير من الأصول حتى يوجه رسالة واضحة الوحدة الوطنية بألف خير والشعب متماسك نحوا قيادته ويريد أن يكون عونا للملك في مسيرة الإصلاح ويعطي الأمور نصابها وخاصة في الرد عمن طالبوا في الملكية الدستورية.
في بيت المهندس عماد المومني الذي يعرف انه تقدمي وقومي يحظى باحترام الجميع وبجراءة الموقف كانت أولى الجلسات وقد كان صاحب الفكرة أصلا والمعد لها، هو وزميل حسن سعيد وقدما جهدا كبيرا للخروج من غرفة الصمت، ولتجميع حالة التشظي الخطيرة، وبللملة كل مايقال، ونجح عماد المومن وسعيد بصدق بالخروج عن أي تفكير ذاتي أو مصلحي أو حني حزبي لنقل العمل نحو التجمع الشعبي المحصور مبدئيا من الناشطين في المجال السياسي والاجتماعي والإعلامي والنقابي وحرصا كعادتها على التنوع من جميع مكنونات الشارع ، فظهر عمل جماعي فريد اعتمد على الدعم ا الذاتي ومناقشة مطالب الإصلاح وكسر حاجز الخوف من المعارضة ، وإنقاذ الشارع من حالة التأزم وإعادة الثقة للمواطن بعد أن بدأت عواصف الخوف تلطم به ، والأسمى من كل هذا تجميع النخب السياسية لتقود الصف لا أن تختبئي لتكتفي بمراقبة ما يحدث.
وما زلت اذكر في الجلسة الاولى قول الصحافي والناشط السياسي حسن سعيد صفيرة بان التركيبة للشارع الأردني لا تحتمل أن زعزعة للشارع الداخلي، وكان حريصا على إقامة احراء سريع لإخراج الوثيقة، وخضنا سجالا طويلا لإخراج الوثيقة خلال أسبوع قبل أن تسبقنا الأحداث.وحرص حسن سعيد على أن يكون اللقاء في مكان عام لا يعود لأحد وان تكون التكاليف من الجميع وذلك للحفاظ على نزاهة الفكرة وتبرع بالقسم الأكبر منها.وكانت لفكرته جزءا مهما في إنجاحها ،فيما دقت كلمته النارية أجراس الخطر حول ما سيأتي للزرقاء وتحقق فعلا ما عناه في كلمته ، التي حتى لو اختلفنا معه في بدياتها، فنتفق مع ما قالها اليوم بها.
ومع ان لحزب الجبهة الأردنية الموحدة حوضر مكثف إلا أن أعضاءه تجوزوا أي تدخل حزبي او مصلحة شعبية، فقد كان محمد الشعلان وهوالمنسق العام للحزب وكذلك ماهر المومني ود.مالك صوان وأيمن دولات وعاكف المعايطة وجورج حداد وغيرهم الكثير.
وظهر تواجد كبير لمتقاعدين العسكريين كالشعلان أيضا والعميد المتقاعد جورج حداد والعقيد المتقاعد هاني العموش ، ورئيس بلدية الزرقاء عقلة الزيود . ورئيس الغرفة التجارية جمال حجير والرئيس السابق حسين شريم والدك وكذلك رؤساء أندية رياضية كهاني عفانة وخالد الغويري ونقابين مخضرمين منهم الدكتور هايل عياش محمد الهياجنة وخالد الزيود وجمال التميمي ..وناشطات مجتمعية منهم النائب السابق ريم قاسم والناشطة أمل العموش ودولت الهرفي.
وسوف أضع في نهاية المادة رابط لقراء الأسماء التي كان لها تواجد كبير
في أشهر الضجيج والصمت خرج أبناء الزرقاء كلهم وبيد واحدة وأصابع متلاصقة ، ليقلوا يجب ان نجمع بين الولاء والعرفان للملك ، دون ان نهضم حق المواطن في الإصلاح، نحن الشارع ونحن الوحدة الوطنية، والإصلاح والأمن لا يجوز أن يختلفا، وكان هذا مدعما بألف ويزيد من التواقيع، باطمئنان حكومي وامني وشعبي تم جمعه في فترة صعبة وحرجة وجهد جماعي كبير، وكلهم بلا استثناء لم يريدوا سوى مستقبل الأردن والحفاظ عليه وقدموا تضحية وجراءة كبير.
وفي فترة سريعة جدا تم توقيع الوثيقة، وقدم الملتقى عدة بيانات مهمة ظهر فيما بعد صحتها، وأولها، التحاور مع حزب جبهة العمل الإسلامي بعدة الاعتصام في دوار الساعة، وقدم الملتقى تحليلا لما يمكن أن يحدث.
وثيقة الزرقاء يجب أن تعتمد اليوم كرؤية لأبناء المحافظة، لأنهم اثبتوا مواقف حقيقية وشجاعة في فترة صعبة، ودون توجيه من جهة أمنية وشعبية، ولم ينحازوا سوى للقيادة الهاشمية وللمواطن، واليوم بعد أن هدأ الشارع الأردني ولو قليلا فسوف نعود لنسمع المجاملات والموقف والبيانات، ولكن يبقى القبطان الحقيقي هو الذي ظهر فوق السفينة ممسكا بدفة السفينة لا من كان مخنئبا و ظهر بعد هدوء العاصفة، حقا اشكر كل من شارك في تلك الاجتماعات وقدم من جهده الكثير ، مسجلين وحدة الوطن قافزين عن الإقليمية والجهوية واستغلال الظروف كانوا أوفياء للوطن ، متحدثين وسط الصمت، دفعوا من جيوبهم وقدموا أقواتهم بكل شجاعة فطوبى للشرفاء ،وللرجال الذين نراهم حينما يختبئ الآخرين، واليوم لسنا بحاجة إلى بيانات ولا إلى تسجيل مواقف فالشارع عاد للسيطرة الحكومية والحكومة والأجهزة الأمنية نفسها لا تريد من يود تسجيل أي هدف بعد صافرة الحكم بان المباراة انتهت.
لم نكن مع الأجهزة الأمنية ولا مع الأحزاب ومع العشيرة ولا مع المخيمات ، ولم نطلب أصواتا مزورة، ولا دعما لوجستيا ، ولا اكف تصفق ، ولم نود أن نظهر بأطلال ثورة ولا أن تعرضنا قناة الجزيرة كنا فقط مع الوطن بكله والقيادة الهاشمية كنا أولا والسابقين وكل من سيأتي سيكون في مصطلح 'فيما بعد' والمشوار طويل ومن كان الأول في الزمن الصعب سيبقى الأول في فيما بعد، ومن حق المواطن والحكومة أن تقول لكل من راحت عليه نومة أو استيقظ متأخرا :'صباح الخير ...'
Omar_shaheen78@yahoo.com