السكان.. الحكمة في التخطيط لا في التعداد

جاءت نتائج التعداد السكاني أقل من المتوقع بحسب النتائج الأولية التي أظهرت أن عدد سكان البلاد تسعة ملايين ونصف المليون نسمة منهم 6.6 مليون أردني ونحو ثلاثة ملايين غير ذلك، بعد معلومات أدلى بها مطلعون حتى مسؤولون بأن عدد السكان يمكن أن يتجاوز العشرة ملايين وأكثر.

المهم في تفاصيل البيانات التي أظهرت أن هنالك 390 ألفا من العمالة المصرية تشكل ما نسبته 6.6 في المئة و130 ألف عراقي يشكلون ما نسبته 1.3 في المئة، ما يستوجب السؤال إن كان هؤلاء مرخصين، فيما تشير البيانات الرسمية إلى أعداد أقل بكثير يتمتعون بالصفة القانونية، كذلك الليبيون 22.7 ألف نسمة واليمنيون 31.1 ألف نسمة، والغريب أن 197.1 ألف لم تحدد جنسياتهم.

أما بالنسبة لعدد الفلسطينيين والبالغ 634 ألف نسمة فهو شأن سياسي لا يمكن التحرك في نطاقه وهم مقيمون منذ عشرات السنين ضمن قوانين وتعليمات واضحة، كذلك اللاجئون السوريون المقدر عددهم بأكثر من 1.4 مليون نسمة، رغم وجود حاجة لمتابعة أنشطتهم والتأكد من صلاحية أوراقهم لحين حل أزمة بلادهم التي على ما يبدو ستطول لسنوات أخرى.

التعداد الذي تم تنفيذه أثار بعضا من الجدل لدرجة الإشارة لمسألة التوطين ووضع المكون الفلسطيني في الواجهة، علما أن إقامتهم في البلاد مربوطة بقاعدة معلومات في أدق تفاصيلها، غير ذلك وجود السبب الرئيس وهو الاحتلال الإسرائيلي، في نفس الوقت هنالك تجاهل وعدم اهتمام قد يكون غير مقصود تجاه الجنسيات الأخرى وتحديدا تلك المخالفة.

المقصود الاستفادة القصوى من تلك البيانات حتى لو كانت في الشأن الأمني بالدرجة الأولى، ونستغرب التأخير الحاصل في إصدار البطاقات الذكية ضمن منظومة الكترونية متكاملة تضع أصحاب القرار أمام الواقع سواء من حيث المهن أو أماكن الإقامة وآي بيانات أخرى إضافية.

انضمت دول عربية وبخاصة الخليجية إلى التنظيم الإلكتروني مبكرا أكان رصدا أم موفرا للبيانات، وفي إطار تعليمات وقوانين واضحة وصارمة، تضمن حقوق العمال وقانونية إقامتهم وحق الدولة في الحفاظ على استقرارها وأمنها، غير ذلك تنظيم سوق العمل والاستفادة القصوى لرفد الاقتصاد ككل بكل ما هو مفيد.

الأرقام الاقتصادية الأخرى التي خرج بها التعداد أيضا تعتبر الأولى من نوعها من حيث التحديث وإن كانت الأسئلة مكررة، ومرتبطة بشكل أساس بمعيشة الناس التي بدأت تتذمر وتخرج عن طورها بسبب الانفلات في الأسعار وانعكاسات القرارات الحكومية الأخيرة على فواتير الكهرباء والماء، من هنا يمكن بناء مخطط استراتيجي شمولي يعالج ما يمكن وصفه بالانتكاسة رغم شح الموارد، كون العبرة لن تكون في التعداد بل في التخطيط لما بعده.