البخيت يبحث عن سد الثأر ضد الباشا محمد الذهبي وابو الراغب يشن هجوما مضادا على منتقديه

أخبار البلد-  لشفافية المفاجئة التي إجتاحات عشرات النخب في الأردن لا علاقة لها بتحول دراماتيكي عاصف في الحياة المدنية في البلاد بقدر ما لها علاقة بتفجر حالة غير مسبوقة على المستوى النخبوي يتهم فيها كل المتنفذين بعضهم البعض بملفات فساد وسط صراع غير مسبوق بين مراكز القوة والنفوذ.

ومن الواضح للمراقب بهدوء ان الإعلان عن سلسلة ضخمة من تحقيقات الفساد داخل البرلمان وعبر الهيئة الحكومية المدعومة المعنية بالأمر رافقته موجات إرتدادية وحالة فوضى على مستوى طبقة كبيرة من رجال الإدارة والحكم والمسؤولين السابقين إنتهت عمليا بإتهام مباشر او ضمني موجه لكل مسؤول سابق او سياسي إلى أن يثبت العكس.

وقد عبر رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب عن هذا المشهد المحزن عندما ظهر على شاشة إحدى الفضائيات قائلا: أنا علي أبو الراغب أبحث عن براءة لذمتي.

وأبو الراغب بوضوح ينتقد السلطات الحاكمة حاليا لإنها تسمح بعمليات إغتيال شخصية وسط موجة تلاوم وتبادل عنيفة للإتهامات طالت عددا كبيرا من المسؤولين والسياسيين السابقين بعدما بدأت حركات الشباب الإعتصامية في الشارع تردد أسماء بعينها وتطالب بالتحقيق معها.

وإتهم أبو الراغب المعارضين ليث الشبيلات وتوجان الفيصل بالسعي لتشويه صورته لأسباب غامضة تتعلق بالمس بإستقرار البلاد عموما عبر قصة تفويض الأراضي في عهد حكومته بإسم الديوان الملكي لكن الفيصل عادت لإتهام الرجل بالسعي لتوريط مؤسسة الديوان لتبرئة نفسه علما بأنه كشف ملابسات قصة تفويض الأراضي عندما قال بانها تمت بموجب كتاب رسمي من مؤسسة الديوان وقعه نظيره الرئيس الأسبق سمير الرفاعي.

ويغيب الرفاعي تماما عن الأضواء بعدما أقيلت حكومته الثانية بعد أقل من 45 يوما على تشكيلها فقط لكن غيابه لا يعفيه من ملاحقات ومطاردات في الكواليس تبحث عن أي خطأ في عهد وزارته وإلحاقه في قائمة سوداء يتحدث عنها الجميع يوميا.

ووسط الصحافيين والسياسيين وحتى النواب لا يخفي رئيس الأركان الأسبق الجنرال خالد الصرايرة إتهامه لمدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي بالوقوف وراء حملة تستهدف تشويهه - أي الصرايرة- تصفية لحساب قديم بين القطبين عندما كانا في قمرة القيادة والحكم.

بدوره لا يخفي الذهبي في حراكه وتفاعلاته إتهامه للصرايرة ولرئيس الوزراء الحالي معروف البخيت بالسعي معا لتشويه صورته وإغتيال شخصيته عبر الإيحاء بأن إسمه مرتبط ببعض التجاوزات والملفات.

وكان البخيت قد أطيح به في عهد حكومته الأولى بجهد مباشر من الذهبي عندما كان الرجل الأقوى في مؤسسة الحكم واليوم يبحث الثاني عن طريقة تمكنه من الربط بين الأول ومشروع الكازينو، فيما يبحث البخيت بحماس عن أي طريقة تنتهي بالشغب على الذهبي البعيد عن الأضواء بدوره.

بنفس الوقت يسعى البعض داخل دوائر القرار لإدانة البخيت ووزير الداخلية سعد هايل السرور بقصة مغادرة رجل الأعمال خالد شاهين لتلقي العلاج بعد سجنه في قضية مصفاة البترول كما إتهمت عشائر بني معروف جهات لم تحددها علنا بالسعي للتغطية على الفساد الحقيقي عبر توريط رئيس مجلسها وشيخها رجل الأعمال البارز أكرم أبو حمدان في قصة مشروع الديسي وملف شركة موارد وهو إتهام ألمح إليه أيضا شاهين في بيان له أصدره مؤخرا. وبنفس المسطرة يمكن القول ان محاولات المساس بعمدة العاصمة الذي غادر موقعه للتو المهندس عمر المعاني تنشط عند شخصيات أخرى سبق ان تقلدت نفس الموقع او عملت في سياقه رغم ان المعاني هندس وصمم طريقة خروجه من الموقع وإنشغل بعالمه الخاص تاركا سلسلة من المشاريع العصرية في العاصمة.

ولا يبدو ان وزراء سابقين تأتي سيرتهم بين الحين والأخر خارج السياق مثل وزير الأشغال الأسبق سهل المجالي او وزير الإتصالات الأسبق مروان جمعة او حتى وزير السياحة الأسبق أسامة الدباس الذي وقعت في عهده إتفاقية الكازينو.

واليوم مع حالة الثورة في الشارع العربي والحراك في الشارع المحلي لا يسلم أي مسؤول أردني او سياسي بارز داخل مؤسسة الإدارة أو خارجها من إتهامات بالفساد تشمل أيضا عبر الأقاويل شخصيات برلمانية.

ومن المرجح ان حدة الصراعات بين أجنحة النظام ورموزه ومراكز القوى داخله تزيد من معركة الإتهام هذه وتوفر صيدا ثمينا يصلح للنميمة النخبوية وللنشر الصحافي خصوصا مع وجود أكثر من 140 موقعا إلكترونيا يدير عدد منها طامحون بسلطة او أشخاص عاديون لا علاقة لهم بالصحافة ولا تلتزم بأي معايير مهنية.

وثمة من يعتقد بأن هذا المشهد بحد ذاته يعتبر مطلوبا فيما يرى مراقبون ان المستفيد الأول والأخير هو المواطن الذي تفتحت بسبب صراعات الكواليس هذه بين يديه حيثيات مرعبة عن ملفات فساد طالت حصة وافرة من خارطة الأشخاص والمشاريع والقرارات.

عن القدس العربي