كيف تشغّل مستشفى خاصاً؟

لمع اسم المسؤول التنفيذي في المستشفى الخاص مع لمعان صورة المستشفى، وكان له دور مشهود في تحقيق نجاح فريق الإدارة، في تلك الفترة لم يكن القطاع الطبي الخاص بهذا الانتشار والتمدد الذي نراه حالياً، أيضاً لم تكن له الحاجة الماسة كما نعيش الآن.

النجاح الذي حققه في مسيرته الإدارية دفع العديد من رجال الأعمال لمحاول استقطابه للعمل في شركاتهم، وغالبيتهم من القطاع نفسه، كانت المؤشرات إيجابية ذلك الوقت للنمو التجاري للقطاع مع تردي وجمود الخدمات الصحية الحكومية. قدم له واحد من ملاك المستشفيات الخاصة عرضاً مغرياً يسيل له لعاب المحفظة، الراتب الأساسي فاق توقعاته دون البدلات. وعلى رغم أنه مرتاح في وظيفته، إلا أن الطموح والتنقل في القطاع الخاص حال طبيعية.

من ميز هذا القطاع أنه يجرب ثم يجرب، يمتص ويرمي، للجيد والرديء. ومن لديه قدرة على «التعايش» مع الأوضاع «الخاصة» في القطاع الخاص يستمر ويترقى، وقد يصبح وزيراً!

نعود لقصة بطل مقالة اليوم، أعجبه العرض المغري وفي اتصال هاتفي قال له رجل الأعمال إن كل شروطه مجابة وستوفر له صلاحيات شاملة لإدارة مستشفى وإنشاء فروع جديدة، ولدى رجل الأعمال شرط وحيد وأساسي سيخبره به بعد المقابلة الشخصية.

في موعد المقابلة الشخصية، كان الاستقبال حافلاً من بوابة المستشفى وزيارة للأقسام والاطلاع على «التجهيزات والإمكانات الحديثة»، وفي المكتب الوثير لرجل الأعمال جلس المحتفى به والذي لم يتبق سوى لحظات على انضمامه لهذه المنشأة، يستمع لرؤية «صاحب الحلال» وهو يهز رأسه موافقاً منتظراً معرفة الشرط الأساسي!

وأخيراً أفصح رجل الأعمال عن شرطه الأساسي قائلاً إنه شرط على كل من يعمل في المستشفى من الموظف الصغير إلى استشاري الطب الكبير، ويجب على المدير الجديد أن يؤكده عليهم ويذكّرهم به كل أسبوع، والشرط أن كل مريض يدخل من الباب لا بد أن «يشغّل» كل أو غالبية أقسام المستشفى، من قسم الأشعة إلى مختبر التحاليل وقريباً افتتاح قسم العلاج الطبيعي. أصيب صاحبنا بالدهشة ورد أنه لا يستطيع العمل بهذه الطريقة، فأجاب رجل الأعمال قائلاً إن هذا «بزنس»، وليس جمعية خيرية. وللأمانة ليس كل القطاع الطبي الخاص على هذه الشاكلة، لكن السائد والمتعاظم الذي يسرع في الانتشار هو من هذه العينة، وكما أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، يحدث هذا أيضاً في القطاع الطبي الخاص، أما وزارة الصحة المسؤولة عن الرقابة وصحة المريض وحقوقه، فهي مشغولة بتطبيب نفسها من دون نتيجة تذكر.