الموازنة أرقام صماء لا صوت لها!

لا تعنينا الموازنة ولا يعنينا أرقامها ولا يدخل في حساباتنا أرقام العجز أو قوائم المديونية ، ولا يعنينا مناقشات النواب لكل بنود الموازنة لانها في المحصلة ستمر مرور الكرام ، ولن تغضب النقاشات أصحاب القرار ما دام قرار «التمرير « جاهز والموازنة ستصدر في استحقاقها الدستوري ،بلا تاخير أو تدقيق . 


المواطن يعنيه ظروف المعيشة، يفكر في احتمالات زيادة الرواتب سواء للعامل أو للمتقاعد ،الناس معنية بالاسعار أكثر ما يشغلها نسبة التصويت على الموازنة أو بث الجلسات عبر التلفزيون أو عبر صفحات التواصل أو المواقع الاخبارية ،حجم الصورة يشغل النواب والوزراء ولكنه لا يدخل في حسابات الناس الغلابى الذين وصل بهم الحال الى الحائط الاخير ولا حياة لمن تنادي .

دعونا نفكر قليلا ،في ظروف الناس الاجتماعية، دعونا نلهث وراء الجوعى في الطرقات والازقة والقرى والمخيمات، دعونا نفكر قليلا في الذين يباتون على الطوى ،دعونا نفكر في الذين يذهبون الى محطات البنزين لتعبئة إبريق من الكاز أو علبة من علب مياه الصحة بلا ماركة على أمل أن تشتعل فتيلتها في ليالي الشتاء القارصة ، دعونا نفكر فيمن يبحثون عن الخبز بالدين أو عن علبة السردين أو شقيقتها علبة الـ «تونا» وتحديدا بالزيت لتعميم الفائدة وليست بالماء لاصحاب الرجيم . دعونا نفكر في الذين يتقاسمون «الحرام» بالتوقيت أيام البرد والثلج ، دعونا نفكر في الذين اصبح الشاي «غموسهم» عند الجوع وحين تتصارع أصوات المعدة الفارغة .

أول الشهر وأخر الشهر اصبح سيانا ،عند ابناء بلدي لأن الراتب لا يعمر كثيرا سواء كان مصدره العمل الشاق أو صندوق المعونة الوطنية أو جمعيات الخير التي تجود على الفقراء بما ينالون من تبرعات ، ترى هل ننام ونحن نرى فقراء الوطن يتهامسون أو يقعون صرعى الامراض في ظل غياب العدالة وغياب فرص العمل، أظن أن من ينام، ربما تسعفه في ساعات النوم حبوب التنويم أو التنجيم عند من يقرأون أو لا يقرأون. حفظ الله الوطن من كل مكروه وكل موازنة وانتم بخير...!