اضطرابات المنطقة: التحدي الأساسي لاقتصاد الأردن العام 2016

اخبار البلد-


 
حمل العام الماضي 2015 العديد من الاحداث والملفات الساخنة والتحديات الجديدة محليا واقليميا فرضت واقعا اقتصاديا جديدا للمملكة.
ولعل حالة عدم الاستقرار والاضطراب الشديدة التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن والتي يتوقع استمرارها، لا بل تفاقمها خلال العام 2016، تشكل التحدي الأساسي الذي يواجه الاقتصاد الأردني.
ويتوقع أن يؤدي استمرار حالة عدم الاستقرار واضطرابه في سورية والعراق إلى زيادة من مستوى المساعدات والمنح التي يمكن للأردن أن يحصل عليها.
ورغم انخفاض سعر برميل النفط عالميا، حالت الأحداث الإقليمية دون تحسن المؤشرات المالية، حيث بلغ عجز الموازنة 1194 مليون دولار حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي مضافا إليها المنح الخارجية، مقارنة مع 994 مليون دولار للفترة ذاتها من العام 2014.
وبالرغم من ذلك، نجح الأردن في كسب الثقة العالمية بالاقتصاد المحلي، ويتضح ذلك من إصداره لسندات في السوق العالمية بقيمة 500 مليون دولار لأجل 10 سنوات، تمت تغطيتها نتيجة الإقبال الكبير من المستثمرين العالميين بقيمة 6ر2 مليار دولار، وبواقع 2ر5 مرة من قيمة الإصدار.
وحافظت وكالة ستاندراند بورز العالمية للتصنيف الائتماني في تقريرها الائتماني حول الاردن من وجهة نظر مستقبلية، على مستوى مستقر، وذلك لاستمرار التحسن في الاوضاع المالية والتزام الحكومة بالإصلاحات الاقتصادية.
وكان لاستمرار انخفاض اسعار النفط الاثر الكبير على كل من عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة، من خلال زيادة الاستثمار في مجال تنويع مصادر الطاقة، ,تحفيز الحكومة لقطاع العقار والسياحة اللذين أثرا في دعم النمو العام 2015، والذي يتوقع أن يبلغ 7ر3 بالمئة، و4 بالمئة في الاعوام 2016/ 2017 على التوالي.
واستمرت السياسة النقدية على نحو توسعي بينما بقيت السياسة المالية متشددة، وقد تحسن عجز موازنة الحكومة المركزية في الأشهر العشرة الأولى من العام 2015، إلى حد كبير بسبب خفض النفقات على نحوٍ فاق الانخفاض في الإيرادات بالنسبة للناتج المحلي.
لكن الهم المؤرق لواضع القرار الاقتصادي في الاردن يتلخص في اجمالي الدين العام ونسبته الى الناتج المحلي الاجمالي، حيث بلغ حوالي 6ر24 مليار دينار مشكلا ما نسبته حوالي 9ر90 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.
أما الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة، وخاصة في ما يتعلق بتنويع مصادر الطاقة وتحسين بيئة الأعمال، فإنها تدعو للتفاؤل بالنسبة للنمو على المدى المتوسط، خاصة اذا ما استطاع الاردن التغلب على التحديات الناجمة عن الوضع الامني غير المستقر في الدول المجاورة، حيث شهد عام 2015 تدشين ميناء الشيخ صباح للغاز الطبيعي المسال، ورصيف الخدمات البحرية لمنظومة موانئ الطاقة في ميناء العقبة، واللذان سيسهمان بشكل كبير وفعال في تطوير بيئة الاقتصاد والتجارة والخدمات في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وتعزيز أمن التزود بالطاقة في المملكة.
ولم يغب هاجس جذب الاستثمار عن الاقتصاد الاردني ببناء حملة لتنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمار تحت شعار "الأردن: انطلاقة متجددة؛ تنمية، تميّز، استثمار" التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني من خلال جولاته المكوكية والتي يجريها بهدف جذب الاستثمار للمملكة، وآخرها زيارته الى الصين، وتم خلالها، وعلى أثرها، توقيع اتفاقيات شراكة وصلت قيمتها الى حوالي 7 مليارات دولار.
كما شهد مؤتمر الاقتصاد العالمي والذي جرت فعالياته في منطقة البحر الميت توقيع اتفاقيات واشهار فرص استثمارية في المملكة وصلت الى حوالي 20 مليار دولار في قطاعات الطاقة والطاقة المتجددة، والنقل، والمياه، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والبنية التحتية، والتطوير الحضري، والسياحة.
ويبقى التحدي الرئيس الذي يواجه الاقتصاد الأردني استمرار وجود حولي 3 ملايين أجنبي (جنسيات عربية واجنبية) على أراضي المملكة، الأمر الذي يشكل ضغوطا على البنية التحتية والخدمات العامة.
الا أن وجودهم أيضا يوفر فرصا كبيرة لتعزيز عملية النمو الاقتصادي من خلال زيادة الطلب على الاستهلاك كما حدث خلال السنة الماضية، الى جانب أن الحصول على مساعدات دولية تم الاشارة اليها أعلاه، بالإضافة الى زيادة معدلات الاستثمار الخارجي في الأردن، خاصة من قبل العراقيين والسوريين، ما يعزز النمو الاقتصادي ويولد فرص عمل جديدة.-(بترا- رائف الشياب)