يبيعوننا أدوات القمع ويدافعون عن الإنسان

بخط أنيق، يحفر على طرف من هراوة كهربائية، يستخدمها شرطي، اسم بلد المنشأ، وعادة ما يكون هذا البلد غربيا، أو إسرائيل.

فلعقود مضت، هي عقود ما بعد الاستعمار الغربي لبلداننا، وإحلال أنظمة مستبدة مكانه، ظل الغرب يلقي بمواعظه الحقوقية على العالم المتخلف. يقدم لنا كل يوم وجبة دسمة من النظريات والأمثولات والملاحظات وورش العمل والمنظمات التي ترفع شعار حماية الحق الإنساني في الحياة والتعبير والعيش.

لكن الكشوفات على أرض الواقع تبدد كل هذا الزيف. فثمة تجارة أدوات وأسلحة وخبرات قمع بين دول التخلف والغرب برمته، تصل حتى السويد، العصماء على أي انتهاكات كما تفصح تقارير حقوق الإنسان. وحتى هذه التجارة، تغدو في لحظة فارقة، دعما لوجه القمع، بلا أي مقابل مادي منظور، تحت ذريعة درء أعمال ارهابية متوقعة في هذا البلد المتخلف حقوقيا أو ذاك.

وعليه، فإن عقود الاستبداد العربية، والتي ما تزال صرخات معذبيها تملأ الآفاق، تفضح وجه الغرب وادعاءاته بأنه حامي حمى حقوق الإنسان، فالصمت الطويل على انتهاكات حسني مبارك وزين العابدين بن علي والقذافي وصالح والأسد وغيرهم، وتزويدهم بكل ما يطلبونه لقمع مواطنيهم من خبرات ومواد وأسلحة، تكشف لنا كشعوب، مدى الحاجة إلى انتزاع حقوقنا من دون اتكاء على غرب أو شرق، يزود قامعينا بما يمنعنا من أقل حقوقنا في العيش بكرامة.

وهذا يدعونا إلى ابتكار سبل جديدة في مواجهة القمع الوطني الممول غربيا لنا، قد تنتهج الاحتجاج السلمي سبيلا، لكنها في الوقت نفسه يجب أن تقاتل على جبهة تالية، لوقف مد أنظمتنا بمواد القمع المهينة.

فقبل المناداة بتسليح ثوار ليبيا للإجهاز على القذافي في معركة الحرية الليبية الجارية الآن، وعقد مؤتمرات تتبجح بعنايتها بالليبيين، كان يمكن مثلا مساءلة الغرب وإسرائيل عما زودوه للنظام الليبي من أسلحة وأدوات قمعية، ما يزال الديكتاتور يستخدمها في انتهاك حقوق شعبه، وما تزال تتسرب إليه.

وهذا بدوره ينطبق على بشار وآخرين.

وحين تتبجح مؤسسة الحكم الأميركية بنبذها لأعمال العنف التي ينتهجها النظام السوري ضد السوريين المطالبين بالحرية، تغمض عينيها عما يمتلكه هذا النظام من أدوات قمع، صنّعت في الغرب، أو وافق الغرب على تصديرها إلى دولة تعمل بقانون طوارئ منذ نصف قرن.

تحتاج اللحظة العربية الراهنة، لحظة الثورات والانتفاض على العسف والاستبداد المزمن، إلى إنتاج قائمة عار، بكل دولة زودت نظاما عربيا بأدوات قمع وخبرات وأسلحة تنتهك حق الشعوب في التعبير والعيش الكريم.

وهذه القائمة، لمن لا يدرك أهميتها، ستسهم ولو بقليل من الوعي، في فك شيفرة التحالف المرضي، بين غرب ما يزال متهيبا فعلا من وثبة المارد العربي، ونيله حقوقه، والأنظمة التي ضغطت على عنق العربي لتمنعه من التنفس بحرية