بلديّة الزرقاء ... إكرام الميّت دفنه !
منذ ايام ترافقت وصديقي كثير الحكي ... ابومهاوش في تشييع جنازة احد المعارف رحمه الله واسكنه فسيح جناته ..، بعد اداء صلاة العصر وصلاة الجنازة على المرحوم تحركت الجنازة من احدى ضواحي الزرقاء يتبعها قفلُ من السيارات باتجاه مقبرة الهاشمية .
جلست بجانب ابي مهاوش في سيارته (البك اب) العجوز ... بطبيعة الحال طغت الاصوات الصادرة عن سيارة ابي مهاوش على الحديث الجانبي الذي دار بيننا .. وحولته إلى حوار اشبه ما يكون بحوار الطرشان ...، مع كل نقلة غيار اسمع شخير ناقل الحركة وصفير دواسة (البريك ) يتبعها صراخ ابي مهاوش : الله من قلة الحيلة ... ولّّلّ الله على هيك سيارة ، ترتد يده من على ناقل الحركة بسرعة فيلكزني بخاصرتي مع كل غيار ...
قلت : طوّل بالك ... خيوه .. كسّرت ضلوعي ولا انت قاصد ومتعمد وبدك تعملها .. دغّ بلغّ ؟!
قال : لا خيوه ... توكل على الله لا دغغّ ولا لغغّ .. ولا يحزنون ... السالفة اني ودّي الحق الجنازة قبل ما يدفنوا المرحوم ... انت ما تعرف هذي الماخوذة يمكن تقطعنا على الطريق .
قلت : توكل على الله ... المسافة قريبة واذا قطعتنا سيارتك الختيارة نركب تكسي ونكمل على الهاشمية .
قال : عيّن خيـــر ، ثم ضرب ناقل الحركة بيده بحركة عنيفة ارتدت على جنبي الايسر ، زاد السرعة ومع وجع الضربة واهتزاز سيارة ابي مهاوش بجميع الاتجاهات حسيت معدتي وصلت للحلقوم !
قلت : يا رجل هوّن عليك ... غير نلحق الجنازة بدون ما تستعجل
قال : تلحق الجنازة ؟ يا غشيم ... اللي يدري ... يدري واللي ما يدري يقول كف عدس ّ هالحين تشوف بعيونك
قلت : ويش قصدك ... قال : اصبر على رزقك
وصلنا بعد فترة إلى اطراف مصفاة البترول حيث مقبرة الهاشية ... ويا للمفاحأة ! قافلة طويلة من السيارات والباصات ... الطريق مغلف .. قلت : ايش هذا يا بو مهاوش ... قال : اللي تشوفة خيوه .. هذي الحال نعاني منها كل يوم .. الطريق الي يوصل للمدافن طريق وحيد و ضيّق والسيارات الخارجة اكثر من الداخلة وصف يابو لطفي واطفي ... ولا ادحل سن سن ومن هان لما يظب الليل ما رح نخلص ... بدات السيارة مع الازمة تشخر وابو مهاوش يشخر معها ويزفر .. داس على الدواسة عدة مرات ولكزني عدّة لكزات على ضلوعي ... قال : بس خيوّه (الجير حرن ) ... اقولك ... انزل من السيارة ... قلت : وين انزل ... قال بس طيح اقولك ... نزلت ومن الجهة الاخرى نزل ابو مهاوش وطرق باب السيارة مغاضبا ... ثم لف الشماغ على وجهه .. قلت علامك (طقيتها لصمة) قال : الحقني .. شمّر طرف ثوبه عن سروال ابيض شغل سوق الحميدية ومسك ثوبه باسنانه وهرول متوجها صوب الجبل المؤدي إلى المقبرة ... لحقت به ... وين يا بو مهاوش .... قال ما ظل بيها ... خلينا نسبق الجنازة ... خيوه الجنازة ودها لاذان المغرب لما تصل للمدافن ! بعض المشيعين حذا حذو ابو مهاوش وبعضهم من اصحاب الدفع الرباعي (تعبطّوا الجبل ) بسياراتهم !... اما ابو مهاوش ...في اول الركب وانا اتبعه مترنحا مقطوع النفس
اخيرا وصلنا ... قال ابو مهاوش : وقف هان خيوه لما تصل الجنازة المغرب ان شا الله ... سلمت امري لله ... وقفنا بالانتظار ... مدة طويلة ... اخيرا ... وصلت الجنازة ... وبدأت مراسم الدفن وبعدها مراسم تقديم العزاء .. وبعد اذان المغرب دار ابو مهاوش راسه (ودق لصمته) ومسك ثوبه باسنانه ,,, وقال الحقني على السيارة ... خليني اشوف هي اتوصلنا اليوم للزرقا والا نكملها مشي!
قلت يا خوي يا بو مهاوش ... يا ريت كل هالمشيعين ... يتوجهوا عند رئيس بلدية الزرقا ... يكدّوا عليه جاهه ... يفتح طريق ثاني للمقبرة ... يوسع الطريق ... يلاقيله حلّ جذري للمشكلة
قال ابومهاوش : اتوكل على الله خيّوه ... اكرام الميّت دفنه .
صالح ابراهيم القلاب