نصوص قانونية مطاطة.. تعين على الفساد
«الفاسدون لا يستخدمون مفاتيح مقلدة ولا يتسلقون اسوار المنازل... انهم يسرقون نية المشرع ويفكفكون نصوص القانون لبطونهم الجشعة وضمائرهم المزيفة». « نحن بحاجة الى ثورة تشريعية تعالج الخلل في منظومة التشريعات التي يتسلل من خلالها الفاسدون .» كلمات مختصرة، انقلها عن صفحة الصديق النزيه، عضو مجلس مكافحة الفساد الدكتور طلال الشرفات. وفيها من المضامين الشيء الكثير. خاصة وانها تمثل بعض قناعاته التي شكلها نتيجة لتجربته وخبرته في هذا المجال. وتلتقي مع قناعات الكثيرين من أصحاب التجارب. فقد ذكرتني تلك الكلمات بفترة مضت من حياتي المهنية عندما كنت محررا للشؤون البرلمانية في صحيفة الدستور الغراء، ما بين عامي» 1984 و 1993 «. وكنت وقتها متابعا لكل تفاصيل العملية التشريعية، بدءا من المطبخ الحكومي، ولجان المجلس النيابي، وانتهاء بمناقشات القبة البرلمانية. وفي الكثير من الأحيان كنت اتابع ما يجري في الكواليس من مناقشات واتفاقات حول بعض النصوص. وغالبا ما تسعى تلك النقاشات الى إبقاء الباب مواربا بعض الشيء وبما يعطي المسؤول هامشا للحركة، وصلاحية تمكنه من تجاوز القاعدة العامة التي جاء بها القانون. وغالبا ما كانت تأتي نصا بصيغة :» على الرغم مما ورد في المواد ..... كذا وكذا ... يحق للوزير .. الخ» . او ان يتم استبدال كلمة باخرى تحمل اكثر من معنى. أورد تلك الفترة لانني عايشتها فقط. فهي ليست استثنائية، او مقصودة ـ بذاتها ـ في هذه المقالة. وانما هي مؤشر على ما يجري في مجال التشريع بشكل عام. وفي المحصلة فإن الكثير من النصوص القانونية تخرج من البرلمان بنص يحمل مضامين استثنائية تعطي المسؤول الحق في تجاوز ثوابتها، إضافة الى ان بعض موادها تحمل اكثر من معنى. ويمكن تفسيرها بأكثر من مفهوم. وهذا واضح من خلال أي نص يعرض للتفسير عند الحاجة.