إضاءة على نصوص "لأنك حبري وبوحي"

اخبار البلد

 


بقلم: صابرين فرعون


تأتي هذه الكتابات الجامعة للأقصوصة والخاطرة والحكمة لتندرج تحت مصطلح "نصوص" للقاصة حنان بيروتي، مختزلةً صوراً واقعيةً تتمثل بصوتي "هو وهي" مع المحافظة على صوتٍ يقطر شفافية بوحٍ أنثوي "دون انحياز أو تجنيس نوعي للغة والأدب" ..

على طول النصوص نجد تأثراً واضحاً بالشاعر الفلسطيني محمود درويش، بلغة الشجن ومفردات الغياب التي تشير للحوار القائم بين فكرتي الحب والصداقة في فصل بعنوان "لأنك حبري وبوحي"، فالصداقة "اسم مؤنث" والحب"اسم مذكر" وعليه تقوم المفارقات من تقاطعٍ واتحاد الفكرتين.. 

في الفصل التالي "بوح المطر" والذي احتوى في كل نصوصه وعباراته اشتقاقات كلمة مطر كاسم أو فعل، كانت الدلالات الزمنية التي تعطي الفعل عملية الحدوث وتجرد الاسم زمنياً من صيرورة الحدث ولكنها تشير له محوراً مهماً للفكرة، أما التجربة فهي ما منحت النص فكرته وموضوعه.. اعتمدت الكاتبة وضع خلاصة المعرفة التي يصل لها الإنسان باحتكاكه المجتمعي وتصريفات الوقت كدروس فردية تُعمق رؤيته لواقع التواصل الفكري والروحي مع الذات والمحيط البشري.. 

في الفصل الثالث "ما لم تقله الحكايات" نجد إعادة صياغة للموروث القصصي كحكايتي "ليلى والذئب" و"ساندريلا"، نستشف من خلالها كقراء أن الانعكاس الواقعي يعيد كتابة المتخيل برمزيته، اعتماداً على التغيرات الطارئة بظرف التجربة واكتساب الخبرة وبالتالي لن ترتبط الحقيقة بشخص أو كاتب بعينه وإنما بإحالات متنوعةٍ وغنيةٍ بالرؤى..

في فصلها الأخير "وأرتق وجه المدى بالكلمات"، تخيط الكلمات للثقب الذي يُطل على ما يمضي وما يستر برد الغياب والحضور، وتترك للطريق، "الغير محدد زمنياً ومكانياً" بامتداده للقادم، مرايا زجاجيةً يسير عليها من يعبر جسر كلماتها إهداءً "أيتها الكلمات.. لأنكِ جنتي ولعنتي.. أُهديكِ مني إليّ" والذي قد يكون مفتاحاً لغوياً لمباهج اللغة الوجدانية المكثفة التي توضح المدلول الرمزي عنوان الكتاب "لأنكَ بوحي وحبري"، حيث جاءت حركة الكاف مفتوحةً "لأنكَ" مشيرةً للمذكر بينما كان الإهداء مغايراً في طيات مضمونه ..

نوعت البيروتي في أساليبها ما بين التشبيه والتشخيص والحوار والتأثر، ويظهر ذلك في عبارات كثيرة، مثل :

"كأنك ظلي ونبضي..كأنك أمٌ بعيدةٌ وروحي طفلة"
"غيابك يحضرني، وحضورك يغبني!"
"تذكر وأنت تغزل وشاح عشقٍ لامرأةٍ، وتُزين قلبها بأقمارٍ وورود، وتطير بروحها لمدىً من حلمٍ لا ينطفئ، تذكر ألا تجرحها بلحظة نسيان، فقلب المرأة لا يعرف النسيان"..
"وأنت توصد بقلبك باب الحنين حاذر على أصابع الذكريات!"
"وأنت تصافح هاتفك، تفقد أصابع الوقت!"  

عن الكاتبة: عنان البيروتي قاصة وكاتبة أردنية، صدر لها: 

مجموعات قصصية "الإشارة حمراء دائماً"، "فتات"، "تفاصيل صغيرة"، "فرح مشروخ"، "ليلٌ آخر"، "بين بكاءين"، ويُذكر أن الأخيرين صادران عن دار فضاءات للنشر والتوزيع.

نصوص "لعينيك تأوي عصافير روحي"، "لمن أُهدي زهور العيد"، "لأنك حبري وبوحي" وهو صادر حديثاً عن دار فضاءات..

أعمال مشتركة "قصص على الهواء بأقلام شابة"، "مختارات من القصة الأردنية"...