منتصف الطريق
عن ابي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال (( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعون نفساً فسأل عن أعلم أهل الارض فدل على راهب فأتاه فقال انه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة فقال الراهب لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن اعلم اهل الارض فدل على رجل عالم فقال انه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة فقال انطلق الى ارض كذا وكذا .. فإن بها أناس يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم ولا ترجع الى ارضك فانها ارض سوء ، فانطلق القاتل حتى اذا وصل نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائباً مقبلاً بقلبه الى الله تعالى وقالت ملائكة العذاب انه لم يعمل خيراً قط فأتاهم مَلك في صورة آدمي فجعلوه بينهم أي حكماً فقال قيسوا ما بين الارضين ( أي المسافة التي قطعها ) فالى ايتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجوده أدنى الى الارض التي اراد الوصول اليها فقبضته ملائكة الرحمة ، متفق عليه . وفي رواية في الصحيح ( فكان الى القرية الصالحة اقرب بشبر فجعل من اهلها )) .
فعبر النظرة الى المشاهدة المكانية في الحديث الشريف محاولة فهم فلسفة المكان وبداياته ونهاياته ورصد الجانب التوظيفي المكاني الذي بني عليه الحديث الشريف ما الذي يمكن ان نراه فيه فهي تمثل القلب الرمزي للمكان في القصة حيث يقوم بدور النقل الوجداني للخطيئة والتوبة وذلك بفتح الفضاءات الممكنة للمخطيء لان يتوب فيتأنس المكان في وعي الذات البشرية داخل حدود ذاتها وبعلاقاتها مع الحدود الخارجية بتعاملاتها .
ضجيج الالفاظ يدل على سطوة مفردات المكان وما هو الا انخطاف في زمن ناكص متردد صداها في نفس المخطيء فلقد اقامت الالفاظ علاقة جدلية مع الواقع من خلال المكان فامتلك النص القدرة الايحائية على ايجابية وسلبية المكان والحركة الاستبدالية بين ارض السوء والارض الصالحة وانتقاله من الخطيئة الى التوبة .
كثير هم المسؤولين الذين تنقلوا من مجلس النواب الى الحكومة وزراء او رؤساء حكومات وبالعكس وكثير كانت تناقضاتهم بين الايجابية والسلبية بين مواقف لصالح الشعب ومواقف ضد الشعب بين الخطيئة بحق الشعب وبين التوبة الى الله عما اقترفه من اعمال وقرارات كان لها انعكاسات سلبية مؤثرة في حياة المواطنين وما بين رئاسة الحكومة والطريق المؤدي الى مجلس النواب لا بد وان تكون هناك وقفة استغفار وتوبة لنحدد فيها منتصف المسافة فمخافة الله في كل عمل وكل قرار بحق هذا الشعب يجب ان يكون نصب العينين لأن المواطن لم يعد يملك شيئاً غير قوت يومه ليعيش فيه .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com