مناقشة السياسة الاقتصادية

من حق النواب المحترمين وواجبهم أن يناقشوا ويحاسبوا الحكومة على السياسة الاقتصادية التي مارستها خلال ثلاث سنوات من عمرها ، والنتائج التي أسفرت عنها فهذه واحدة من أوضح مهمات المجالس النيابية في قيامها بدور الرقيب على الحكومة.


لكن هناك شروطاً وحدوداً دنيا لا بد من توفرها في الانتقادات التي يمكن أن يوجهها النائب إلى الحكومة.

الجانبان (الوزراء والنواب) بستهدفان المصحلة العامة، فالخلاف إذن بين الفئتين يجب أن يدور حول الاجتهادات المتباينة ، وليس حول الوقائع والحقائق المحسوبة بالأرقام والإحصاءات المتوفرة لمن يبحث عنها.

ضعف الانتقادات النيابية أعطى الرئيس فرصة نادرة لتقديم وجهات نظر الحكومة بمجموعة من الأرقام والمعلومات المتاحة للجميع كمسلمات فضلاً عن التساؤلات الاستنكارية.

بالنتيجة لم نسمع وجهات نظر مختلفة حول كيفية التعامل مع قضايا معينة ، لا من النواب ولا من الحكومة. ولم تطرح أية حلول أو بدائل. هناك تهم وأوصاف نيابية وجد الرئيس سهولة في الرد عليها بالأرقام.

ما حدث في المجلس كان (بدون قصد) في صالح الحكومة ، وفرصة ثمينة للرئيس لتبرير جميع أعمالها وسياساتها ، بما فيها ارتفاع المديونية بمعدل مليارين من الدنانير سنوياً.

أكد الرئيس أن المديونية جاءت لتمويل دعـم الكهرباء والماء والخبز ، واعتبر هذا الجواب القول الفصل ، فمن هو النائب الذي يجرؤ على المطالبة برفع أسعار الكهرباء أو الماء أو الخبز لتغطي كلفة إنتاجها ، أو جزءاً أكبر من هذه الكلفة.

لكن ، هل هذا الدعم يمثل بقرة مقدسة لا يجوز المساس بها ، حتى عندما تكون بأكملها ممولة بالديون ، التي تثقل كاهل الأجيال القادمة ، وتضعف المركز المالي للاقتصاد الوطني ، حيث تأكل خدمة المديونية جزءاً كبيراً ومتصاعداً من الموازنة.

وإذا كانت الحكومة لا تنكر أن الدعم يشجع الإسراف ، وأن 70% من الدعم يذهب لغير المستحقين ، فهل يجوز إبقاء القديم على قدمه واعتباره عذراً مشروعاً لتراكم المديونية التي تجاوزت الخطوط الحمراء؟ وهل يجوز أن نسمح باستمرار الدعم اعتماداً على كرم الدول المانحة وقروض البنك الدولي والبنوك التجارية؟. وإلى متى؟.

سمعنا تهماً جزافية ، وسمعنا رداً بالأرقام ، ولم نسمع وجهات نظر واجتهادات حول السلوك الواجب بعد الآن.