أخطاء تمشي على الأرض

يقول المثل الإنجليزي: «خطأ الطبيب يدفن تحت الارض، وخطأ المهندس يقع على الارض، وخطأ المعلم يسير على الارض»...المقصود هنا ان خطأ المعلمين اكثر فداحة وخطورة ، وهو بمثابة «كارثة جارية» تسير على الأرض، وتعيث فيها فسادا وإفسادا.


طبعا المقصود بالمعلم هو كل من يعلمنا على هذه الكرة المسرعة في الفضاء، من الأم والأب والأقارب واولاد الحارة الى المعلم في المدرسة ..الى معلمين الحياة في كل المجالات..من الخفير حتى الوزير ، ومن الناطق الرسمي حتى الداعم الرسمي ، مرورا بالكتاب والمبدعين والصحفيين والإعلاميين في كل المجالات.


علمونا مثلا، ان المستحيلات ثلاثة:»الغول والعنقاء والخل الوفي» فتعلمنا افتراض سوء النية في جميع الآخرين من الأصدقاء ، قبل الأعداء،فنشأنا كائنات فردية متوحدة مثل ذئاب الصحراء، ولم ننجح في اي عمل جماعي بشكل كامل، وعند اي عمل جماعي ، نحاول ان نبرز انفسنا ونسابق الآخرين، ممن معنا في ذات الخندق، فسادت الفوضى...وانهزمنا في كل الأعمال والمعارك التي تحتاج الى روح الفريق.... من الحكومات الى الأحزاب ، حتى الفرق الرياضية.


تعلمنا ان نستيقظ في الصباح على صوت الوالدة الرؤوم وهي تقول لنا:

-قوم قاَمت قياَمتك، ما هو اَنا لو خلّفت عنزه،كانت بتنفع أكتر منك |.

اما الوالد الحنون فيقول لنا:

-ماشاء الله متل الكلاب متبطحين مش شاطرين غير بالاكل والنوم بس ..

لا دراسة ولا قشل....الواحد لو كان مربي جوز عجول كان احسن منكو.

ويستمر القمع والعنف ا?سري ، فنتحول الى قامعين ومقموعين في ذات الوقت، نقمع الأبناء ، ومن هم اقل منا مرتبة ، بينما يقمعنا من هم اعلى مرتبة ... وهذه هي التراتبية الوحيدة العاملة في العالم العربي .


علمونا أن للحيطان آذان وعيون، فنشأنا مرتعبين من المراقبين في كل مكان ، المراقبون الذين يقبعون في فرشاة الأسنان، ورغيف الخبز، ودفتر الفروض المدرسية، فصرنا نتصرف كما يريد منا الآخرون، ونأكل كما يريدون، ونتجشأ كما يرغبون، وصرنا مجرد تكرار ممل ، مثل شخير العجائز، لما يريده الآخرون،فانعدم الأبتكار، وانعدمت المبادرات الجماعية، وانعدم التصور نحو الأعلى ، وصرنا ندور في محال هندسي، مثل بغل الدراسة على البيدر،لا بل اسوأ، لأن البغل يدرك دوره، ونحن لا ندرك أننا ندور في دائرة حمقاء، من الولادة حتى القطنة التي يدسونها في ثقوب الجسد عند الوفاة.


علمونا ان التكرار يعلم الحمار ، فكررنا وكررنا..حتى تعلّم الحمار، وصار مهندس طرقات، يشقها في الجبال الوعرة، ولم نتعلم، سوى تخريب الطرق والدروب التي خطاها من قبلنا.


وتلولحي يا دالية.