ما مصير الدول الداعمة والممولة للإرهاب في ظل القرارين 2253 (محاربة الإرهاب) و2254 (التسوية السياسية ) ..؟
ما مصير الدول الداعمة والممولة للإرهاب في ظل القرارين 2253 (محاربة الإرهاب) و2254 (التسوية السياسية ) ..؟! الدكتور رعد صلاح المبيضين
قبل الإجابة على هذا التساؤل أقول كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي : من حيث التوقيت فإنه واضح تماماً أن الأمم المتحدة، وبعد كل هذه السنين التي تفوح منها رائحة الدم السوري البريء ، استقامت الأمور لديها وبدأت تأخذ دورها القانوني حيال هذا العدوان السافر على هذا البلد المسالم ، وهذا في تقديرنا كإنسانيين أمر إيجابي ، والقيادة السورية كما منذ بداية العدوان تتعاطى بإيجابية وانفتاح مع كل المبادرات الواقعية لدحر الإرهاب من ناحية ، والسير بالعملية السلمية من ناحية ثانية ، وفي تقديري المتواضع أن تأتي مثل هذه القرارات ألأممية في وقت تقوم فيها المنطقة على انتماءات للأسف الشديد طائفية ودينية وعرقية وعشائرية ، فإنها تشي بأن هناك رغبة عالمية رسمية نحو الأمن والسلم ، رغبة أدركت خطورة الفوضى الخلاقة في المنطقة على العالم الغربي ، وأصبح لديها قناعة تامة لجهة استمرارية الدول بشكلها ومضمونها في مرحلة ما قبل وما بعد الفوضى في المنطقة ، بالتالي لا بد من الإسراع نحو العودة إلى مفهوم الدولة التقليدي ، وضمن سياقها القديم ، ولو كمدخل قسري لضمانة دحر الإرهاب الذي يهدد الجميع حتى الصانعين والداعمين والممولين ، وهذا يعني أن بقاء الثقافة التقليدية في الدولة الحالية في الشرق الأوسط أهون بكثير من هذه الفوضى التي لا تبشر إلا بمزيد من الدمار ، إن لم تشكل قواعد وأسس الحرب العالمية النووية الثالثة ، لهذا فبعد اعتماد القرار 2249 في 20 تشرين الثاني الذي دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ جميع التدابير الضرورية لمحاربة تنظيم داعش، يعزّز نصّ القرار الجديد 2253 تدابير مكافحة تمويل الإرهاب ويتيح أخذ الخطر الذي يمثّله تنظيم داعش في الحسبان بصورة أفضل ، وعلى الرغم من تحفظنا على قرارات الأمم المتحدة إلا أن صدور مثل هذا القرار يعني أن هنالك رغبة عالمية أممية جديدة مختلفة ومتجددة النظرة ، من خلال الإشارة الصريحة عبر القرار إلى الداعمين للإرهاب ، أولئك الذين هم فعلياً أشد خطراً وإرهاباً من الإرهابيين أنفسهم ، سيما وأن الإرهابي إما أن يقتل أو يتم أسره وينتهي خطره ، بينما ذلك الداعم والراعي والمصنع والمنتج للإرهاب هو الباقي ، وهو الذي يقوم بإعادة الإرهاب الجديد والمتجدد تبعاً لحاجته ، والخلاصة أن محاسبة الداعمين والممولين أهم بكثير من محاسبة الإرهابيين ، والأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، وإنما أخذ أبعاد أخرى تهدد بطريقة مباشرة وغير مباشرة الدول الداعمة والممولة للإرهاب ، وذلك ليس عبر القرار 2253 فحسب ، وإنما من خلال القرار الذي يؤكد على ضرورة التسوية في سورية من خلال السوريين أنفسهم عبر القرار2254 ، والذي جعل الإرهابيين خارج الحسبة ، وللتوضيح أكثر نقول : لا يوجد شيء أسمه معارضة مسلحة ، لأن التسليح فقط للمقاومة التي تحارب الأعداء سواء أكانت هذه المقاومة جيش دولة أو جيش شعبي ، المهم أنها لا تحارب الدولة ذاتها وإنما توجه السلاح صوب العدو ، والمتمثل اليوم بإسرائيل ..!!
دولياً وعلى مستوى الأمم المتحدة هناك إيمان بالدولة السورية كفعل حاضر في المشهد العالمي الجديد ، فعل له وظيفة لا تتوقف عند محاربة الإرهابيين فقط ، بل في البناء العالمي القادم والقائم على التعدد القطبي ، غير المفهوم لغاية اللحظة السياسية الراهنة في الفعل الماضوي للدول التي ما زالت تدعم وتمول الإرهاب ، هذه الدول التي لا ولن تستطيع أن تختلق ثقافة مؤجلة توظفها كبديل عن ثقافة الإرهاب والقتل والتدمير ، لأن هنالك مصالح وسرقات فاضحها مع هذه التنظيمات ، وعلاقات واضحة في المشهد التفجيري سواء الاغتيالات أو ضرب المواقع ضمن سيادة الدولة السورية الضحية في المشهد العالمي والإقليمي العام ، وبمعنى أخر فإن وجود هذه الدول الداعمة للإرهاب أصبح مرهوناً بالوجود الإرهابي ذاته بشكله ومضمونه ومصالحه الفردية والجمعية ، علماً بأن التسوية بحد ذاته تتجاوز مفهوم الدولة التقليدية ، لكونها تحمل في طياتها الأسس المدنية للدولة السورية العلمانية قبل وبعد العدوان عليها ، نتحدث عن دول لا دينية ولا طائفية ولا عرقية ولا عشائرية ، وإن لم تكن هنالك إشارات صريحة بهذا الشأن ، على الرغم من القبول المبدئي للدول التقليدية ولكن ضمن شروط أهمها ألا تكون هذه الدول داعمة أو ممولة للإرهاب بأي من الأشكال كما جاء في القرار 2253 ، وضمن هذا السياق تأتي الإجابة على السؤال عنوان المقالة ، سيما وأن محاسبة هذه الدول لم يكن طارئاً أو ناتئاً، لأنه شرط من شروط إقامة الأمن والسلم في المنطقة والعالم ، بالتالي نحن لا نتحدث عن ثقافة عقاب وحساب بقدر ما نتحدث عن واقع وحقيقة تسهم بطرد ما تبقى من مكونات الإرهاب الدامي ، حقيقة قانونية ينبغي تكريسها بين كافة المكونات في المنطقة للتأسيس للبيئة الحاضنة لثقافة السلم الاجتماعي الجاهز والمعدة بشكل ناجز أصلاً في الذهنية الجمعية الشرق أوسطية المؤمنة بالإنسانية والأمن الإنساني كحاجة وضرورة بل وحتمية عالمية ...!!
والملفت أن الموقف الدولي يتبنى بصورة أو بأخرى منطق الرئيس السوري بشار الأسد منذ بداية العدوان على سورية ولغاية الآن ، والذي ميز وفرق فيه بين محاربة الإرهاب ومكافحته ، وبين الإصلاح السياسي ، والذي يتأخر عن مواجهة الإرهاب لتشكيل الأرضية الإصلاحية بحسب مفهوم الرئيس بشار الأسد ، إضافة إلى اعتبار أن الحل السياسي برمته شأن سوري يقرره الشعب السوري وحده ، وهذا ما تم فعلياً على الساحة ألأممية ومن خلال الأمم المتحدة ومن خلال نص القرارين 2253و2254 ، إنه الانتصار للمنطق السوري ، بعد أن أعاد هذا القرار العملية السياسية كلها بما في ذلك موقع الرئيس للشعب السوري وحده ، والسؤال المطروحة على الطاولة العربية ، هو : إذا كنا لا نجد أية أهمية قانونية في القرارين للتصريحات التي أطلقها سابقاً المسئولين الغربيين من الأمريكان ، والفرنسيين ، والبريطانيين ، فما هي القيمة الحقيقية لتصريحاتكم أيها العربان ؟!! سؤال برسم الاستمرار في نهج الغباء الداعم للإرهاب ..!!
أعتقد أنه لا بد من الإجابة على هذا السؤال الغاية في الأهمية لجهة معرفة أن جميع الأقوال والأفعال والمواقف الاستعراضية العربية لا تساوي ثمن حبرها في المحافل الدولية، حتى وإن كانت هنالك مليارات تصرف ، فإن المقابل الوحيد لها ذلك الصمت الدولي المؤقت والذي لا يطال القوانين الدولية ، وللتوضيح أكثر نقول : الصمت الدولي يأتي لغايات إخفاء الهزائم لا أكثر ، وطمأنة من قد يعاد توظيفهم في مراحل لاحقة ولكن بشروط مختلفة ...!!
وهنا دعوني أقول لكم كلمة للتاريخ : ستحاسبون حتى وإن كنتم لا تتفهمون النمط القانوني الحالي والقادم ، والذي يظهر ويتمظهر جلياً اليوم في السياق القانوني عبر هذه القرارات ، وتبنى عليها مصالح دولية عالمية ، ضمن صيغ لا بل وخرائط أيضاً تتجاوز الأنماط السياسية السابقة والتي أسست لذلك الإرهاب الذي تدعمون ، صدقوني المنطقة اليوم مشدودة بكاملها إلى ( الإنسانية والأمن الإنساني ) ، وأنتم للأسف تفتقدون المعرفة التي تحاكي هذه القاعدة ، والتي يتقنها زعماء المقاومة العربية الإسلامية والإنسانية ، وأقولها وأنا حزين : لقد جعلتم من جذركم الثقافي التاريخي المتمثل في داعش جذراً سياسياً لاستنهاض كل أشرار العالم ، ولكن ضد من ؟!! ضد إنسانية وأمن الإنسان، وهل جاء القرآن لسلب إنسانية وأمن الإنسان ؟!! كيف ؟!! حاشى لله أن تكون هذه المفاهيم قرآنية قطع الرؤوس والسبي والتكفير إلخ من مفردات أبعد ما تكون عن الدين السمح والمتسامح ، الأمر الذي أنتج عليكم حقداً مضاعفاً حتى من قبل أتباع الديانات السماوية الثلاثة ، وإذا حكمتم في لحظة سياسية جزء من التاريخ والجغرافيا فهذا لا ولن يعفيكم من المحاسبة القانونية والدولية والإنسانية .
وفي المقابل كل ما يحدث ما هو إلا انتصار للدولة السورية العلمانية والتي لا ولن تكون وكما قلنا منذ بداية العدوان على عليها إلا دولة مدنية رغم كل المسارات والخرائط المتعفنة في رؤوس الإرهابيين ، نعم ، هذا مع استمرارية نظام الحكم القائم الآن بقيادة الرئيس بشار الأسد ، والتفاوض مع حكومة السيد الرئيس وليس الإملاء عليها ، ولكل نبيه نقول : عليك أن تفرق بين تسوية سياسية دائمة في سورية وبين عملية سياسية بقيادة سورية ، لتجد أنك في المربع الأول للدولة السورية التي قررت وتقرر وما زالت وستبقى تقرر الشأن السوري لكونها الممثل الشرعي والوحيد للسوريين ، كما عليك أيها النبيه أن تدرك مسألة في غاية الأهمية أيضاً وتتمثل في أن الحديث الأمريكي كان قبل القرار ألأممي يتحدث عن ( احتواء داعش وضبط سلوكها في سورية ) بيمنا جاء القرار بوجوب القضاء على داعش وحرمانها من الملاذ الآمن في سورية ، وهذا يشي بصورة أو بأخرى في سيادة مبدأ ألا تفاوض ولا مهادنة مع الإرهاب ، والنتيجة أنه لا وقف لإطلاق النار إلا بعد القضاء الكامل على الإرهابيين أو التدخل ألأممي عن طريق الأمم المتحدة ، غير أن كل ما ذكرنا لا ولن يعفي الدول الداعمة للإرهاب من العقاب ومن مواجهة مصيرها الأسود القادم لا محالة . خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .