منصب الرئيس !
وظيفة الرئيس .... وظيفة عامة ....كما كل وظيفة عامة داخل أي دولة ..وظيفة عليا تحكمها أسس قانونية دستورية في اطار ضوابط ومحددات ....تم تحديدها بعناية فائقة من قبل القانونيين الدستوريين .
ومع كل ما يمكن قوله حول منصب الرئيس ...وما يتحمله من مسئوليات ومهام ..وحساسية عالية تلتف من حوله ... وترصد له كل خطأ يمكن أن يرتكب ...او أي تجاوز يمكن أن يحدث ....باعتباره الرجل الأعلى ...وذات المنصب المحاط بالأعين والآراء ....والرقابة الحثيثة ....وربما تأخذ منحي التصيد ...والوقوف علي الخطأ ....حتي وان كان لا يحتاج الي تضخيم وتهويل ...لاعتبارات سياسية ...وحزبية ....في اطار المنافسة ..والتي تصل الي حد الصراع علي هذا المنصب الهام ...والأعلى في النظام السياسي لأي دولة .
الانتخابات الديمقراطية ...وحق المشاركة.... الذي كفله القانون من خلال الترشح والانتخاب ...لهذه الوظيفة العامة بدرجة رئيس ....كما حق كل مواطن بالمنافسة.... وتحقيق طموحه من خلال الترشح لهذا المنصب ....وللشعب أن يقرر وينتخب من يراه مناسبا.... وملائما... وذات قدرات عالية ....علي تنفيذ برنامجه الانتخابي .
هناك من يجدون بأنفسهم قدرة عالية علي تولي منصب الرئيس.... وهذا شأنهم وحقهم .....كما حق الجمهور في الاختبار ....فمن يشاركون بأي عملية ديمقراطية لمنصب الرئيس ....اما أن يكونوا بصورة منفردة شخصية ....أو بصورة حزبية ....من خلال شخص محدد ....بمعني أن الترشح لهذا المنصب يكون فرديا بكافة الاحوال ....وبحسب قانون الانتخابات والياته..... والذي لا يتعارض مع الدستور ....أيا كانت الطريقة والالية.... فما يحكم النتيجة النهائية للعملية الانتخابية مستوي المشاركة ...ومقدار حجم التصويت لهذا المرشح أو ذاك .
منصب الرئيس في الدول النامية والمتخلفة ....والتي لم تصل شعوبها لمرحلة النضج الكامل ...والوعي الثقافي الديمقراطي السياسي ....تدخل تلك الدول وشعوبها.... بحالة جدل داخلي ...يصل في بعض الاحيان الي حالة من الصدام.... والتنافس .....والصراع الذي لا مبرر له ....في معظم الاحيان .
فالممارسة الديمقراطية ...والنتائج الانتخابية ....ربما لا يعترف بها من قبل بعض الشرائح الاجتماعية والسياسية...وهذا مخالف للمبادئ الديمقراطية ....والتي تنص علي احترام الأقلية لرأي الاغلبية ...علي أن تحترم الأغلبية حقوق الاقلية .
فالحديث عن الديمقراطية ....لمن يمارسها ...و يقبل بنتائجها ....ومن يناضل ديمقراطيا ..من أجل الوصول الي مبتغاه بالمنافسة لمنصب الرئيس ...فالفرق شاسع وواضح.... ما بين الطموح ....والاطماع ....كما الفرق بين الحق.... والباطل ....وما بين الصح ....والخطأ ...وما يحدد معيار كل هذا الكلام ....مدي دستورية المرشح ....ومدي التزامه بالدستور والقوانين ....والبرامج ....التي يقوم عليها النظام السياسي..... الذي ينوي المترشح أن يترشح من خلاله.
منصب الرئيس ....عقده تاريخية ...ذات ابعاد متعددة ...بحيث يري الكثيرون ...في أنفسهم امكانية أن يكونوا بمنصب الرئيس.....وهذا في اطار الكلام النظري ....والحديث الشفوي ....وجلسات المجالس ....لكن التجربة... وحقيقة الامور .... قد تجعل أناس كثر لا يمتلكون شجاعة الاقدام علي مثل هكذا منصب .....حتي وان كان متاحا لهم .....لاعتبارات عديدة لها علاقة بعدم القدرة علي تحمل الامانة والمسئولية .....و عدم توفر المؤهلات والامكانيات والسمات والصفات الشخصية ...والمهارات اللغوية والبروتوكولية ...والثقافة السياسية والاقتصادية ...وقدرات التفكير ما بين المرونة... والصلابة ....والقدرة علي اختراق مواقف الاخرين ...والتعاطي مع كافة الملفات بعلمية عالية ....وبإرادة قوية ....وبصبر يغلب الحكمة والمصالح العليا .
مميزات كثيرة ومتعددة ...وسمات وصفات عديدة ..لا نصوص لها بالكتب ....ولا مسطرة بكتب محددة ....ولا بتجربة ينقلها رئيس لرئيس .....لكنها امكانيات وقدرات يتميز بها أشخاص محددين ...لهم القدرة علي الخوض بمثل هكذا انتخابات ...والمشاركة بهذه المنافسة التي تحتاج الي قدرات عالية ....وجمهور واسع من المؤيدين .
كل ما سبق قوله وسرده ...يأتي في سياق الثقافة العامة ....وما جاء بتجربة الاخرين ...وما ينص عليه بالدساتير ....وما تقره المفاهيم والاليات الديمقراطية ....لكن هذا كله معروف لدي الجميع ....ولكن ما نود قوله.... وتسليط الضوء عليه ....لماذا كافة الهموم والمشاكل ...كافة المفاسد والأخطاء ....كافة الأخطاء والخطايا ...كافة التجاوزات صغيرها وكبيرها ....كافة الاجتهادات صحيحها وباطلها ....كافة الخطوات ....المبادرات ...المباحثات ...كافة الدخول العالية والمنخفضة ...كافة الارباح والخسائر ....كافة المرضي والمتعافين ....كافة الناجحين والراسبين ....كافة المتزوجين والمطلقين ....وحتي أسعار الخضروات واللحوم ...وأسعار العملات ....والاحوال الجوية ....وحتي ما يعتري بداخل الانسان كله.... يتحمله الرئيس .
ليس هذا فقط.... بل العلاقات الوطنية ....المعارضين والمؤيدين ....من يشاركون بالحكم ..ومن هم خارج الحكم ...من هم داخل الوزارة ...ومن هم خارجها ....ومن هم داخل الوطن وخارجه ....من هم بالإعلام... وغير الاعلام... من هم بالمجالس وداخل الندوات وورشات العمل ...من هم بالمؤتمرات ...من هم بحالة نفسية سيئة ... ومن أصابهم الاكتئاب والاحباط ....جميعهم يحملون الرئيس .!!
الرئيس ...الذي تم انتخابه وفق برنامجه الانتخابي ....لا يتحدث عن كل هذا السيل من الاتهامات والانتقادات ....ولا يتحدث عن هذا الواقع الانقسامي الاسود ....الملازم لنا ... والداخل بتفاصيل حياتنا ....والذي اوجعنا وأدخل الالم بداخلنا ....ليزيد ألمنا الما ...وليزيد همومنا هما ....وليجعل من حياتنا بؤسا وشقاءا ....فهذا ليس ببرنامج الرئيس ....الذي انتخبناه ...كما أنه ليس ببرنامج الكتل البرلمانية.... التي انتخبناها بالمجلس التشريعي .
العقدة ....بمنصب الرئيس ....أن الرئيس يتحمل كل صغيرة وكبيرة ...شرقا وغربا ...وشمالا وجنوبا ...داخل الاسرة وداخل العائلة ....في الحي والمدينة ...وداخل المخيم ...داخل كل تاجر وعامل ...داخل كل طالب وفلاح ...كل من يعاني.... يتحمل الرئيس مسئوليته .
فلا حديث ....ولا وسيلة اعلام ...ولا منشتات بالصحف ..ولا لقاء تلفزيوني ...ولا محلل سياسي...ولا كاتب صحفي.... كل يجد سهولة عالية.... لتحميل الرئيس مسئولية ما جري... وما يجري .....وما سوف يجري .
الرئيس ....الذي تحمل مالا تتحمله الجبال .....والذي أصبح منصبه محملا بهموم الوطن ...وكوارثه ونكباته... بفقرائه...وأغنيائه...بالفاسدين والمحترمين ....فهل هذا يأتي في سياق المنافسة المشروعة ....؟؟ أم يأتي في سياق الصراع غير المشروع ...؟؟؟ أم يأتي في سياق سياسة الافشال ..؟؟ ربما كل ذلك أو البعض منه ...وربما ليس في اطار مثل هكذا تساؤلات ...فلربما تكون الانتقادات من باب الحرص الاكبر ....والطموح الأعلى ....والإرادة الأقوى.... لمن يشعرون أن بمقدورهم أن يحققوا..... بأكثر مما حققه الرئيس .
عقده منصب الرئيس ...ستبقي عقده الزمن ....عقده السياسيين ...الطامحين لمثل هكذا منصب ...ونحن لا نتعارض ....ولا نعارض كل طموح غيور ...ولا طموح كل من يشعر أنه يمتلك قدرات ومهارات .....سمات وصفات ....معايير ومحددات منصب الرئيس
خلاصة القول.... أن النظام السياسي الفلسطيني ....لا زال يتعرض لانتقادات لاذعة ...وحملات ممنهجة ....ومحاولات حثيثة لإضعافه ....لكنها محاولات لا يعرف القائمون عليها.... أنها تضعفهم ولا تقويهم .... تقدم لهم منصب قادم ....علي جثة هامده ...لا حول لها ولا قوة ....فمن يريد أن ينافس ...وأن يشارك ....بأي عملية انتخابية قادمة ....عليه أن يساعد بتقوية أركان ومفاصل السلطة ....وأن يعزز القانون .....وأن يعمل بكل جد واجتهاد ...من أجل تماسك السلطة ومؤسساتها ...أن يعمل من أجل وحدة الارض ....تحت اطار السلطة الواحدة الموحدة ...أن يتوحد الوطن بشقيه الشمالي والجنوبي ....وأن تستنهض الاحزاب والقوي مقومات قوتها ....وقدراتها التنافسية ...للدخول في معترك العملية الديمقراطية ...والتي نأمل أن تبرز شخصيات اعتبارية ذات كفاءات.... وقدرات عالية .....وحتي يعلم الجميع.... أن نظامنا السياسي من المعارضين.... والمؤيدين ....كما أنه من السلطة التنفيذية.... والسلطة التشريعية ...كما هو من مؤسسات المجتمع المدني ..والاحزاب والحركات السياسية ...أي أن كل ما سبق من مكونات النظام السياسي ...اذا ما أضفنا سلطة القضاء ...والسلطة الرابعة... باعتبارهم عوامل مساعدة وأساسية ...للفصل ما بين الحق والباطل ....ولإظهار الحقائق... وعدم تغيبها ....ولتنوير الجمهور... حتي لا يضل الطريق ..وحتي يمعن التفكير ...وحتي يقدر الصواب ....ويحدد المسار ..وحتي لا يكون منصب الرئيس.... عقده لأحد .
الكاتب : وفيق زنداح.