ماذا لو كنت وزيـــــــرا
كنت جالسا اتناقش مع بعض الزملاء وننتقد الوزير الفلاني والوزير العلاني، ففاجأنا احدهم سائلا، ماذا لو كنت انت وزيرا، ماهي خطتك او اجراءاتك الاصلاحية. هو سؤال قد تظنه سهلا ولكنه يحتوي على عمق وتفاصيل وعلم.
ماذا لو كنت وزيرا للمالية، ماذا افعل لمعالجة العجز النقدي ولرفد موازنة الدولة بالنقد، كما هو معلوم فان مصادر الاردن الرئيسية هي تصدير الفوسفات والبوتاس، والسياحة، وآخرها الضرائب والرسوم المختلفة.
اذن علينا ادارة الفوسفات والبوتاس بطريقة تجارية تماثل القطاع الخاص، مستغلين احدث وسائل التسويق، والاتصال مع العملاء المرتقبين، لزيادة المبيعات الى اكبر قدر ممكن، وربما ليحصل ذلك علينا تحسين المنتج ايضا من حيث تطويره لينافس المنتجين الاخرين لنفس المواد، وهذه ستحقق نسبة من النمو.
وكذلك الحال بقطاع السياحة من حيث تسويق الاردن محليا وعالميا بكافة الوسائل والطرق، وليس فقط دعاية عابرة على احد المحطات الفضائية، ولكن دعايات على عدة محطات عالمية، وكتالوجات توزع على خطوط الطيران والطائرات، وتواصل وتسويق مع كبرى شركات السياحة العالمية لتسويق الاردن وتقديم عروض خاصة لها، وهذه ستحقق زيادة على حجم السياحة بالاردن لاسيما مع توفر المناخ الامن ومرافق سياحية واثرية عديدة.
نصل الى الضرائب والرسوم المختلفة، والتي لاترى غيرها حكوماتنا كوسيلة لرفد الموازنة بالنقد، ولكنها وسيلة يجب التوازن والاعتدال باستخدامها، على سبيل المثال رضير من رفع الضرائب والجمارك على المشروبات الكحولية بنسب مضاعفة، وتخفيض الضرائب على السلع الجارية بكثرة بين المستهلكين، مثلا تخفيض الضرائب على الملابس لتصبح رخيصة الثمن، مما يشجع المستهلكين على الاكثار من الشراء عندها تتحقق معادلة الربح القليل مع البيع الكثير والذي يؤدي لدخل اعلى من نفس الضريبة.
او تخفيض جمارك المركبات من 150% الى 5% مع رفع سعر صفيحة البنزين دينارا واحدا، وهذا الاجراء سيرفع من اقبال المواطنين على استبدال مركباتهم القديمة باخرى جديدة للانخفاض الشديد باسعار المركبات، ولكن الدينار من صفيحة البنزين والمتكرر يوميا سيحقق دخل اعلى من الانخفاض بجمرك المركبات الغير متكرر الا كل بضعة سنوات.
وقس على ذلك كثير من الامثلة، واعتقد بحزمة من هذه الاجراءات نكون قد رفعنا من النقد الوارد للموازنة، وحققنا رضا اكبر لدى المواطنين.
لكن يجب ان لاننسى ان هذه الاجراءات تمس كفة واحدة من الميزان، وهناك الكفة الاخرى وهي تخفيض الانفاق، ولانعني عدم الانفاق على المشاريع التنموية او على مرافق الدولة الهامة للوطن والمواطن، ولكن اللجوء لتغيير وسائل وطرق الانفاق للترشيد بنفس النفقة، وانتهاج اساليب القطاع الخاص بالمشتريات من حيث الشراء المباشر والتفاوض المباشر للحصول على اقل الاسعار، وكسر الجمود باساليب العطاءات الرسمية طويلة المدى حيث تستغرق شهورا واحيانا سنوات للانتهاء من دراسة العطاء والاحالة، ويكون القطاع الخاص قد انتهى من الشراء بغضون ايام وبدأ الانتفاع من مشروعه ونحن بالقطاع الحكومي مازال مشروعنا خطة على الورق.
فربما يجب البدء بتعديل قوانين وانظمة العطاءات المركزية للدولة بتطعيمها بتشكيل لجان شراء مباشر متخصصة تفوض لها صلاحيات الشراء وفق اسس محددة، يكون من مهامها اتمام الشراء ضمن زمن قصير، واقل الاسعار مع عدم اهمال عناصر الرقابة الاخرى والتشديد عليها، وبهذ نحقق وفرا بكفة الميزان الاخرى.
باختصار يجب انتهاج اساليب القطاع الخاص بادارة الموارد الحكومية والوزارات الحكومية والنظر بعين الربح للمشاريع حتى تحقق الارباح، فهاهي احدى الدول العربية اصدرت قرارا بتغيير نظام ترقيم المركبات، وكلف ذلك بضعة ملايين، ولكنها حجبت الارقام المميزة، وبعد الانتهاء من اعادة ترقيم المركبات، قامت ببيع الارقام المميزة والمتشابهة والصغيرة بالمزاد العلني للعموم، فحصلت من المزاد على مئات الملايين الذي غطى كلفة مشروع الترقيم بجزء يسير جدا من الايراد والباقي رفد خزينة الدولة بعشرات الملايين ، هذا هو النهج الذي نتحدث عنه ولايضر احدا لابل ينعش اقتصادنا الوطني.
الى اللقاء في حلقة قادمة مع وزير آخر
الكاتب : مجهول ابن مخفي