لا فرق بين تركيا وإسرائيل أيّها العرب


الأمة العربية أمة مثقوبة الذاكرة لا يعلق فيها الا النزر القليل من الأحداث ولا تحتفظ بالتاريخ فبينها وبين أخذ العبر من الماضي عداوة لا يمكن محوها . فمعظم العرب أبهرتهم تركيا الأردوغانية وعقدوا عليها الآمال في الدفاع عن قضايانا المصيرية ، وجعلوا من " أردوغان " السلطان محمد الفاتح لهذا العصر الذي سيقود الجيوش الإسلامية المحررة لفلسطين من دنس الصهاينة ، وكان لتحقيق هذا الحلم لابد أن يمرّ السلطان أثناء زحفه بالعاصمة السورية دمشق ليصلي في مسجدها، المسجد الأموي شكرا لله على إسقاط الدولة السورية أو فتحها من جديد - لا فرق - عند العرب ما دامت الوجهة فلسطين السليبة .ولا زال العرب ينتظرون جيوش الفتح السلجوقية!

هل نسي العرب أن تركيا هي أول دولة إسلامية قد اعترفت ب ( إسرائيل ) دولة ذات سيادة على رض فلسطين في عام 1949 وهو نفس العام الذي شهد الاعتراف الدولي بدولة الاحتلال الصهيون ؟ومنذ ذلك الوقت شهدت العلاقات بين البلدن تطوّرا كبيرا ومهما في شتى المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجة إلى درجة جعلت " إسرائيل " تصف علاقاتها بتركيا بالتحالف .

وتعود بدايات "التحالف السري" بين أنقرة وتل أبيب إلى العام 1958، أي إلى عهد حكومي عدنان مندريس ودافيد بن غوريون. ولقد رغب هذا بقوة في إقامة علاقات وثيقة مع تركيا من أجل كسر العزلة الإقليمية التي تشعر بها سرائيل وقد كانت بحاجة إلى موازنة المقاطعة العربية من خلال الانفتاح على الجوار الأوسع: تركيا وإيران وإثيوبيا .

و تذكر الباحثة الإسرائيلية (عفرا بنغيو ) في كتاب نشرته بالإنكليزية أن إسرائيل قد استخدمت في وثائقها كلمة "تحالف" بدلاً من "اتفاقية" للدلالة على الأهمية التي تعطيها لهذا الاتفاق. وتبيّن (عفرا بنغيو ) الأسباب التي دفعت تركيا إلى القبول بمثل هذا التعاون مع إسرائيل بالآتي: الرد على موقف الرئيس جمال عبد الناصر من حلف بغداد، إقامة الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، مضاعفة مصر لتعاونها مع الاتحاد السوفيتي، الانقلاب في العراق والذي أطاح الحكم الملكي الذي كان مواليًا لتركيا، تصويت العراق في مجلس الأمن (ضد تركيا) حول القضية القبرصية، التطور العسكري والتكنولوجي الإسرائيلي وحاجة تركيا إلى الاستفادة منه، وحاجة تركيا إلى دعم اللوبي الصهيوني داخل اولايات المتحدة وخصوصًا داخل الكونغرس منعا لصدور قرار حول قضية مذابح الأرمن.

تأتي أهمية "الاتفاق العسكري السري" مع إسرائيل من أنه كان الأول لإسرائيل مع أي دولة أخرى، وكان رئيسا أركان الدولتين يلتقيان مرتين في السنة للتنسيق. وأعطت إسرائيل لهذا الاتفاق مع تركيا اسمًا مرمزًا هو "ميركافا".

وفي زيارة قام بها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إلى تركيا، عقد فيها مباحثات مع الرئيس عبد الله غول في تشرين الثاني/نوفمبر عم 2007، دعي الرئيس الإسرائيلي لإلقاء خطاب في مجلس الأمة التركي، وكانت هذه المرّة الأولى التي يدعى فيها رئيس إسرائيلي لإلقاء خطاب أمام برلمان لبلد أكثرية سكانه "الساحقة" من المسلمين.

وقد وقّع البلدان اتفاقية للتجارة الحرّة ينهما في كانون الثاني/يناير 2000، وسميت "اتفاقية التجارة الحرة التركية – الإسرائيلية". واعتبرت مهمة جدًا بالنسبة إلى إسرائيل لأنها الأولى التي توقِّعها مع أي بلد آخر ذي أكثرية سكانية من المسلمين . وقد لغت الصادرات الإسرائيلية السنوية إلى تركيا 1.5 مليار دولار، والواردات منها مليار دولار.

تعدّ " اسرائيل المورد الرئيسي للسلاح لتركيا ، ويمكن تعداد المشاريع العسكرية الكبرى الموقعة بين الطرفين على الشكل الآتي:

- تحديث أسطول طائرات الفانتوم أف-4 (F-4) وطائرات أف-5 (F-5) بكلفة 900 مليون دولار.
- تحديث 170 دبابة من طراز M60AI بكلفة 500 مليون ولار.
- مشروع صواريخ Popey-I وPopey-II للدفاع الجوي بكلفة 150 مليون دولار.
- مشروع صواريخ "دليلة" الجوالة (كروز) والذي يبلغ مداه 400 كلم.
- الموافقة على بيع تركيا صواريخ "أرو" الحديثة جدًا والمخصَّصة للدفاع ضد الصوايخ. ويحتاج العقد إلى موافقة الولايات المحدة شريكة إسرائيل في إنتاج هذا النوع من الصواريخ المضادة للصواريخ.
- اتفاق للتعاون في مجال تدريب الطيارين
- مشاركة البحرية الإسرائيلية في عدة مناورات وتمارين بحرية تنظمها تركيا، وتشارك فيا أيضًا البحرية الأميركية.
- كان آخر اتفاق وقع بين الطرفين في أثناء زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الأخيرة في كانون الثاني/يناير 2010. وحاولت تركيا نفي الخبر إلا أن الصحافة الإسرائيلية قد أكدت التوقيع. ويقضي هذا الاتفاق بحصول تركيا على عدة أنظمة متطوِّرة في مجال الطيران، وتبلغ قيمة العقد 141 مليون دولار، ويتشارك في تنفيذه سلاح الجو الإسرائيلي وشركة ألبت للصناعات الجوية (Elbit Systems).

وهل نسي العرب أن تركيا كانت ولا زالت تمثل إحدى الجبهات المتقدمة لحلف شمال الأطلسي في مواجهة حلف وارسو؟ وفيها قواعد أمريكية شهرها قاعدة " انجرليك " ؟

أم نسي العرب أن الموساد الإسرائيلي هو من تعقّب الزعيم الكردي " عبد الله أوجلان " وساعد في اعتقاله وتسليمه لتركيا ؟
إن العلاقة التركية الإسرائيلية هي علاقة كاملة ومثالية حسب وصف الجانب الإسرائيلي .

أمام هذه الحقائق التاريخية الدامغة كيف لنا أن نصدّق التباكي التركي على غزة وأهلها ؟ وكيف علينا أن نصدّق أن تركيا تريد السلم والخير للسوريين وهي التي جعلت من أراضيها منطلقا لكل إرهابيي العالم لتسليحهم وتدريبهم والزج بهم من أجل تدمير الدولة السورية ؟

كيف نصدّق أن تركيا ليس لها علاقات مع الإرهابيين ومسلحي داعش يتبخترون أمام الجنود الأتراك على الحدود السورية التركية ؟ وكيف نصدّق الحكومة التركية التي سرقت المصانع المؤسسات السورية وتقوم بشراء النفط من المسلحين .؟

إن تركيا لا فرق بينها وبين إسرائيل في الأهداف والمسعى وهو السيطرة على المنطقة العربية وتفكيك دولها ونهب خيراته.