الحملات الأمنية تحدث انقساما داخل مملكة البحرين
عرضت الاحتجاجات المناوئة للحكومة في البحرين للقمع لكن مشاعر السخط على الأسرة السنية الحاكمة تستعر بين الأغلبية الشيعية في هذه المملكة الخليجية الصغيرة، حسب مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية، فرانك جاردنر في المنامة.
تخضع البحرين رسميا لما تطلق عليه السلطات حالة "السلامة الوطنية" أي حالة الطوارئ والتي فرضتها الشهر الماضي عندما نفد صبر الحكومة تجاه المحتجين وبسبب الحواجز التي أقاموها في الطرقات.
روابط ذات صلةفي صحف الجمعة: إضراب زينب وأوامر الأمير نايف ومشاهدات متظاهر سوري ناشطة بحرينية تضرب عن الطعام احتجاجا على اعتقال والدهاالبحرين: الحكومة تسعى لحل حزبين شيعييناقرأ أيضا
موضوعات ذات صلةقضايا الشرق الأوسطلكن قانون السلامة الوطنية ما هو إلا الأحكام العرفية تحت مسمى آخر.
لقد أقامت السلطات البحرينية نقاط تفتيش في كل أنحاء البلد كما أن هناك دبابات مرابطة في وسط العاصمة المنامة.
حظر تجول
كما فرضت السلطات حظر التجول من منتصف الليل وحتى ساعات الصباح الأولى، إضافة إلى وجود أكثر من ألف جندي وشرطي من الدول الخليجية المجاورة بهدف المساعدة في حراسة المنشآت الحيوية.
ويقول العديد من البحرينيين من أفراد الأقلية السنية والوافدين إن هذه الإجراءات مقبولة لديهم.
إنهم يشعرون بالاطمئنان وليس بالتهديد بسبب نقاط التفتيش التي أقامتها السلطات بدل الحواجز المخيفة وغير المنظمة التي أقامها المحتجون. لكن معظم الشيعة يوردون قصة مختلفة.
ذهبنا إلى ضاحية شمال السهلة في المنامة لتغطية جنازة أحد الأشخاص الشيعة الذي توفي عندما كان محتجزا لدى الشرطة.
دهس
اتهم علي عيسى الصقر بأنه حاول دهس رجل شرطة خلال أحد الاحتجاجات وسلم نفسه للشرطة بعدما قالت أسرته بأنها تعرضت للتهديد.
وبعد ستة أيام توفي الصقر أثناء احتجازه لدى الشرطة التي قالت إنه قاوم محاولات سجانيه السيطرة عليه.
وانهارت أسرته لدى رؤيتها لأول مرة بعد اعتقاله جثته التي كانت عليها آثار الضرب. فجراحه كانت فظيعة. ويبدو أنه ضرب بأسلاك ثقيلة. لقد صفد كاحلاه ومعصماه.
حقوق إنسان
أثرت قضيته مع وزيرة الصحة، الدكتورة فاطمة البلوشي، التي تشغل أيضا حقيبة حقوق الإنسان.
في البداية قالت إن المعارضة تلاعبت بالصور بهدف إحداث الكدمات لكن عندما قلت لها إنني حضرت الجنازة وشاهدت بنفسي هذه الكدمات، وعدت فورا بإجراء تحقيق كامل في هذه القضية.
وقال لي دانييل وليامز وهو باحث أول في منظمة هيومان رايتش ووتش، بعد رؤية جثة صقر "لو كان في حادث سيارة، فربما كانت ستكون الكدمات أفضل حالا".
لقد كان بعض نشطاء المعارضة يميلون، مرارا، للمبالغة إذ كانوا يزعمون وهم مخطئون في ذلك أنهم تعرضوا لإطلاق نار من طرف مروحيات أو "أنهم يذبحوننا" عندما كانت تطلق عليهم القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية. لكنهم يعانون الآن فعلا.
تصعيد
صعدت أجهزة الأمن خلال الأيام القليلة الماضية من حملاتها لترويع أي شخص يشتبه في معارضته للحكومة.
فقد انتزع أشخاص من أسرة النوم في الساعة الثانية صباحا وضربوا أمام عائلاتهم ثم جروا بعيدا من طرف رجال مسلحين وملثمين وأخذوا إلى زنازين في أماكن غير معروفة.
ونادرا ما تُخبر العائلة بمكان وجود أفرادها. لقد احتجز أكثر من 400 شخص هذه السنة وتوفي أربعة في الحجز.
ولا يُستغرب أن هذه الأخبار تستفز قطاعات واسعة من الشيعة.
وتقترن هذه الإجراءات ببرنامج إذلال منظم للشيعة ينفذه بلطجية يأتون في الليل ويهجمون على أماكن تجمع الشيعة ثم يكتبون على الجدران (المناطق الشيعية) شعارات مؤيدة للأسرة الحاكمة مثل "أسرة آل الخليفة تاج على رؤوسنا".
فقد الكثير من الناس ومعظمهم شيعة بمن فيهم أطباء ومهنيون وظائفهم بسبب تغيبهم عن العمل خلال الاحتجاجات.
قال دبلوماسي غربي لي "استعداء قطاعات واسعة من السكان الذين أصبحوا الآن بدون وظائف وغاضبين ويتسمون بالذكاء ليس من الحكمة. إن هذا الأمر يزرع بذور المشكلات مستقبلا".
سنة
بعض السنة يرحبون بقدوم قوات خليجية
لمسنا في جزيرة المحرق بالقرب من المنامة حيث يقيم السكان السنة القلق أيضا. لقد التقينا خلال صلاة الجمعة في مسجد تابع للسنة بأشخاص مؤيدين على نطاق واسع للحملات الأمنية التي تقوم بها الحكومة.
وقال لي بعض المصلين إنهم يرحبون بقدوم قوات الأمن السعودية التي نعتتها إيران والكثير من الشيعة بأنها قوات "احتلال".
وأضافوا أن المحتجين تجاوزوا الخطوط الحمراء ما تسبب في شلل اقتصاد البلد في ظل حواجز التفتيش التي أقاموها على الطرقات.
سألت الشيخ عبد اللطيف المحمود وهو من رجال الدين السنة البارزين: ما الذي كان يمكن أن يحدث لو أن المحتجين من الأغلبية الشيعة أزاحوا الأسرة الحاكمة عن السلطة؟
تحذير
لقد حذر الشيخ المحمود من حدوث عواقب وخيمة في حال إزاحة الأسرة الحاكمة، قائلا "إذا نجحوا في الاستيلاء على السلطة، فإن السنة في البحرين سيعانون وسنرى الدماء وأعمال القتل". إن البلد يحبس أنفاسه.
وبعد مرور شهر على فرض حالة الطوارئ التي من المقرر أن تستمر لمدة ثلاثة أشهر تبرز محاولات للتظاهر بأن "الأمور تعود إلى وضعها الطبيعي" رغم وجود عربات مدرعة في مفترقات الطرق ودبابات تحمي ما كان يعرف بدوار اللؤلؤة الذي كان في قلب الاحتجاجات التي شهدتها البحرين في شهر فبراير/شباط ومار/آذار الماضيين.
وبعد أن فقدت المعارضة صبرها في ظل مطالبها المتغيرة، يلجأ متشددو النظام إلى حملات أمنية في حين همش الإصلاحيون وتعثرت مباحثات الإصلاح السياسي.