اين الشعب
بسم الله الرحمن الرحيم
أين الشعب
تساؤل يلح علي صباح مساء بل ويصم آذاني بضجيجه ألا وهو : هل المواطن الأردني من طينة ثانية مختلفة عن كل البشر ؟ هل قدرة تحمل المواطن الأردني غير عادية وتفوق قدرة تحمل كل شعوب هذه الأرض ؟ هل يشعر المواطن الأردني بالرضا عن كل ما يواجهه من تحديات وصعوبات في حياته اليومية ؟ هل المواطن الأردني يتمتع بالحرية التي نراها في مختلف دول العالم ؟ هل الضرائب المبتكرة على المواطن تدفعها الحكومة بدلا من المواطن الأردني ؟ هل راتب المواطن الأردني كافيا لسد احتياجاته اليومية ؟
ولكن بالمقابل هل صفات الكرم والشهامة والنخوة والصبر وهي التي تطلق على المواطن الأردني هل هي كافية لنصنفه بأنه مواطن ويعيش عيشة كريمة ؟ والسؤال الصعب والذي يحيرني هو : هل هناك شعب موجود من الأساس في الأردن ؟
لنكن عقلانيين بعض الشيء فالشعب كما نعلم دائما هو العنصر الأساسي في مكونات أي دولة في هذا العالم فلا وجود لدولة بدون وجود شعب ولا وجود لشعب بدون وجود دولة له ، ولكن الواقع الذي ألمسه في وطني أن الدولة موجودة ولكن لا وجود لشعب فيها وهذا استثناء عالمي لا يوجد له مثيل بين كل دول العالم المحيط بنا !! فالشعب هو الذي يقرر طريقة وأسلوب حياته في وطنه ، بل ويتخذ القرارات المهمة في وطنه عبر ممثليه لدى حكومته ، ولكن للأسف فهذا غير موجود على أرض الواقع فإذا افترضنا وجود ممثلين لهذا الشعب لدى الحكومة ألا وهم نواب هذا الشعب فنراهم يبصمون على ما يقرره ويمليه عليهم غيرهم ، وهذا مناقض لوصفهم بأنهم نواب عن الشعب .
أيضا الشعب في أي دولة هو أول من يعترض على الظلم والاستبداد وقمع الحريات والغلاء الفاحش للأسعار والضرائب التي ما أنزل الله بها من سلطان ، لأنه هو أول من يكتوي بنار هذه القضايا المهمة ، ولكن للأسف لا وجود لمعترض أو حتى منتقد لهذه القضايا ، وهذا يعني إحدى حالتين : الأولى أن هذا الشعب يعيش الحرية بكل معناها ولا وجود للظلم والاستبداد وأنه في بحبوحة من العيش ولا ينقصه شيء ، وهذا المستحيل بعينه ، وأما الحالة الثانية فهي أنه لا يوجد شعب في هذه الدولة ليعترض وينتقد الظلم وقمع الحرية والغلاء والضرائب !!
أيضا من صفات الشعوب أنها لا تصفق لمن يظلمها ويسلبها حقوقها ويبيع مقدرات وطنها ، ولكن للأسف فالواقع في وطني مغاير لكل النواميس على هذه الأرض ، حيث نجد هناك من يصفقون للظالم ويشدون على يده ، وهم باعتقادهم أنهم بذلك يعبرون عن وطنيتهم وتفانيهم في حب وطنهم ، رغم أنهم بهذه الأفعال يقولون للظالم سر ونحن من خلفك ، وأيضا بتصفيقهم هذا كأنهم يقولون للظالم : نحن موافقون على ظلمك ، وفي هذه الحالة هم يشرعون للظالم بأن يتمادى في غيه ، بحيث يصل تفكيرهذا الظالم لدرجة إحساسه بأن الظلم الذي يمارسه على مواطنيه هو قمة الحرية وقمة العطاء لشعبه .
أدرك أن البعض بل الكثير من أصحاب النخوة والكرم والشهامة والصبر سيخونهم صبرهم هذه المرة وسيهاجمونني على هذا الكلام ، لكني أقول لهم إقرأوا كلامي بشيء من التمعن ثم بعدها لينفذ صبركم ولتقولوا ما شئتم عني فأنا لم ولن ينفذ صبري عليكم ، وسأظل أردد عنواني بأنني أبحث عن شعبي في وطني ويقيني بالله كبير بأنني سأصحو يوما وأجد شعبي الذي أفتقده منذ زمن طويل .