عشنا وشوفنا ...واليوم ياما نشوف !!
عشنا وشوفنا ...واليوم
ياما نشوف !!
أحرص حرصا شديدا ...علي متابعه كافة مجريات الأحداث والمواقف بعموميتها وتفاصيلها ...بحكم المهنة...وحق المواطنة ...حتي لا أخطي التقدير والتحليل ..وحتي أكون في صلب فحوى ومضمون المشهد بكل ما بداخله من عناوين ومدلولات
معيار الصدق حول ما يخرج عبر ألسنة الناس..... من مواقف وتحليلات وأراء ....لا نستطيع الحسم والفصل فيها .....لأنها نتاج انتماءات متعددة ..ومنطلقات فكرية متعددة ...ومواقف سياسية مختلفة ...كما وأنها تعبير عن تجربة شخصية ....تحدد التوجهات بمقدار الثقافة ومساحتها وتنوعها ....ومدي عمق الفكر.... وتراكمات التجربة ...التي يتم من خلالها تحديد منهجية التفكير وأولوياته.
كل ما سبق يولد رايا وقناعتا ....فكرا.... وخطابا شخصيا .....وجماعيا ....حول قضايا الوطن ومشاكله ومعضلاته ....لكل منا تجربته الخاصة في اطار تجربتنا العامة التي عشناها ....واكتسبنا من خلالها قدرات خاصة... ..تؤهل كل منا بمقدار معارفه وفكره ...ثقافته وابداعاته ....أن يقترب من ناصيه الحقيقية ..وأن يبتعد عن مربعات الاخطاء والخطايا والنفاق السياسي ....الذي اصبح يشكل ظاهرة يجب استئصالها.
عشنا وشوفنا ....عشنا الزمان والمكان ...وشوفنا ما يسعد القلوب ...ويشرح الصدور ...كنا نعيش ونشوف ....بما أثار اعجابنا ...وأصبح محصلة ذاكرتنا ...محل تقديرنا.... واعتزازنا ...وما زلنا نردد الاقوال .... كما نردد الاسماء والاماكن ....نردد العادات والقيم ...والثقافة الجامعة ...لمكونات المجتمع ...دون دراسة ....وحملات توعية ....وبعيدا عن الاعلام الذي كان شبه مفقود في الزمن الماضي .....لكن الاعلام الأقوى.... كان بما يتم تداوله من قيم وأفكار ...تعبر عن نقاء وطني ....يتحكم بكافة مدخلات ومخرجات هذا الوطن .....وأخلاقيات أهل البلد ...تناقلنا ثقافة الاحترام ..ومفاهيم لغة الحوار وأدبياته ...وحتي ثقافة الاستماع والتقدير ...ثقافة وسلوكيات ابن البلد ...ابن الوطن.... الحريص علي جاره .....والمحافظ علي جارته ...والخائف علي عائلته وأسرته ...وعلي كل قيمة وثقافة ومبدأ .....لأنه يشكل نموذجا وعنوانا ....لهذا الشخص أو ذاك..... قيم متراكمة ولدت شخصيات سوية ونقية ...وبلورت أفكارا ناضجة ....وسلوكيات مستقيمة ....ومواقف واضحة ...وعلاقات نموذجية ....انسانية ....لا غبار عليها .
تناقلنا ...وتبادلنا ....كل ما هو قيم وثمين .....وبكل ما يؤكد نقاء الزمن ....الذي كنا نعيش فيه ...برغم الفقر المحتمل..... والعذاب والالام التي خفت بتأثيراتها ...بدفء العلاقات ..وبكل العواطف الجياشة التي تحيط بنا .
عشنا وشوفنا ....ربما ظروف اجتماعية فيها من الصعوبة الكثير ...لكننا كنا نتحملها ...ونعالج مشاكلها ....بكل رؤية وتأني ...كنا نسكن الغرفة الواحدة ...لعائلة كاملة ..كنا نزرع جماعة ...كما نحصد جماعة ....كان البعض يتعلم اذا ما توفرت له فرصة التعليم.... بمساهمات مالية من الجميع ...ودون أدني حسابات شخصية .....ودون أدني اتفاقيات ....فكل منا يعرف حدوده وواجباته ...ويعرف ما له وما عليه ...كل شي متاح ومفتوح ...علاقات طيبة ووطيدة .....تجتمع عليها القلوب ..وتتوافق عليها الارادات ...كل شي ميسر وسهل ....برغم مصاعب الحياة وقلة المال ....الا أن السعادة كانت أشمل وأعم....والحياة ميسرة وسهلة.... ودون أدني تعقيدات ...فلا شي مستحيل ...ولا شي خارج الاحتمال ...كل شي بالاطار والمقبول .
عشنا وشوفنا الكثير..... وبأكثر مما يتصور البعض..... من الاجيال اللاحقة ...الا أننا صبرنا علي همنا وحياتنا ....صبرنا علي كل ما اعترض طريقنا .....بصبرنا تجاوزنا العقبات ...وبإرادتنا تحدينا المستحيل .
عشنا وشوفنا .....رغم المرارة والحسرة .....ومحطات حياتنا ومصاعبها..... الا أنها كانت غنية بنتائجها.... ومثمرة بحياتنا .
عشنا وشوفنا .....وبكافة مناحي حياتنا .....بالسياسة ...والعلاقات الوطنية ...بالاقتصاد والخدمات ...والعلاقات الانسانية والاجتماعية .
عشنا وشوفنا ....ولا زالت أيام زمان ...تشكل ثقافة نرجع اليها مع كل أزمة ....نعيشها في هذا الزمن لنجد بالزمن الجميل..... برهة وفرصة ....للراحة وتجديد الآمال .
عشنا وشوفنا ....ونحن نتبادل أطباق الطعام مع جيراننا ....كما ونتبادل ارغفة الخبز ..وما تنتجه مطابخنا ...والتي لم تصل الي حد الخرفان المحشية ...ولكنها في اطار الملوخية والفول والخبيزة ...أكلات صحية ....كنا نتبادلها ...ولا تعمل علي احداث التخمة ...ولا الجلطات القلبية ...كنا فرحيين بما ناكل ....من أرضنا ...وبما ننعم من خيرات بلادنا ...كنا نطحن الشعير والقمح ....ونخبز في فرن الطابون ...كنا نأكل لحوم الدجاج التي يتم تربيتها داخل منازلنا ....وكنا نأكل من بيض دجاجنا ....كنا نحب بعضنا البعض ...ونخاف علي بعضنا البعض ..ونتحسس مشاعر بعضنا البعض ...كنا انسانيين بمواقفنا ...ووطنيين بحرصنا ومشاعرنا .
عشنا وشوفنا .....ونحن نشعر بأحاسيس بعضنا ....ونتبادل الآمال والاحلام ...ونتقاسم المصالح والخيرات ...كنا جميعا بحكم الاغنياء ...ولا فقراء بيننا ...ولا محتاج ينام في العراء ...ولا مسكين ينام دون طعام ....كانت جبهتنا قوية ومتماسكة ...ثابتة علي الحق ..وحريصة علي القيم ...كل شي جميل ...في الزمن الجميل .
عشنا وشوفنا ....واليــــــــوم .....ياما نشوف .
بنشوف ما هو خارج الاطار ..وما هو خارج القلوب والعقول ....وما يتناقض والارادات ...وما يتعارض والثقافات والقيم المتوارثة ....أزمات أخلاقية ...سلوكية ...ثقافية ..اجتماعية ...واقتصادية ..أزمة علاقات سياسية ووطنية ....أزمة ثقة ...أزمات متعددة ..ومصدرة الينا لتنخر بعظمنا ولحمنا ....وتفكك نسيجنا ..وتهز ثقافتنا ...وتضرب بقواعد علاقتنا الانسانية والاجتماعية والوطنية .....نبحث عن الأسباب ...وأخذنا وقت طويل ...بحثا ....وتدقيقا ...وتمحيصا ...للبحث عن الاسباب ..فهل الازمة أزمة انتماء؟؟!! ....ام أزمة أخلاق؟؟!!! ..أم أزمة علاقات؟؟!! ...أم أزمة ثقافات؟؟!! ...أم أزمة برامج سياسية؟؟!!.... ومعتقدات فكرية ...أم أزمة سلطة وكرسي حكم .....؟؟!!!.
ياما نشوف ....مشهد لا يحتمل ....مشهد ملوث ....بأجوائه وهوائه ..بأمراضه ...بفيروساته وميكروباته...أجواء لا تحتمل ...لا نستطيع أن نتنفس هوائها ....من تعدد الاكاذيب... والروايات الكاذبة والملفقة ...كل شي ملوث بأغلبيته ....ولا زلنا نحاول ونطرح أفكار ....ونجري اتصالات ....ونتبادل الافكار ....والتي تأتي بمعظمها خارج الاسباب الحقيقية..... لما نعيش من أزمة وأزمات.... ما عشناها بالزمن الماضي دون فصائل ......وكانت تتم تعبئتنا الوطنية من خلال آبائنا وأجدادنا وقياداتنا المحلية .....ولم نكن نعرف التعبئة التنظيمية ....كما كنا لا نعرف الأيدولوجيات.... والافكار... والمعتقدات ...كنا بسطاء... ونعمل علي تبسيط الامور ....بما يتوافق مع حياتنا
عشنا وشوفنا ...واليـــــــوم ....ياما نشوف
اليوم وبحق بنشوف مالا يحتمل ....وما لا يقره عقل ...ولا ضمير ...ولا كل محب للوطن ...وقضيته العادلة ....اليوم نشعر بالإحباط والخذلان ...نشعر بالكأبة ....نشعر بضعف الآمال ....علي عكس ارادتنا .....وأمالنا المتجددة... ولا نعرف ماذا يحصل لنا ؟؟!!....ومن يخطط ضدنا ؟؟!!...ومن يدبر لنا ما نحن عليه؟؟!! .