المجتمع المدني , الكتلة الوازنة المُعَطلة


يستشعر انصار الاصلاح ومؤيدوه داخل الجسد الرسمي بالغربة وسط واقع لا يحمل مشاعر ايجابية للعملية الاصلاحية ويسعى لتعطيلها والانقلاب على مدخلاتها بعد انقشاع اسباب موجباتها الربيعية , ولا يتستر تيار الاصلاح رغم قلة تعداده على المعاناة التي يعيشها داخل الاوساط الرسمية وحجم الضغط لكارتيل التعطيل وثقل وزنه النوعي في الجسد الرسمي رغم محدودية كتلته الشعبية , على عكس تيار الاصلاح الذي يشغل مساحة مترامية الاطراف وطنيا ويشعل مواقع التواصل يوميا لكنه لا يشكل كتلة ضغط ايجابي تمنح صاحب القرار امنا للمضي بسرعة وثقة نحو الاصلاح . الاحزاب ورغم انها في التعريف القانوني ليست من قوى المجتمع المدني – لأن تعريف قوى المجتمع المدني يشترط عدم سعيها للوصول الى السلطة – اكثر تلك القوى غيابا وتأثيرا وأثرا بحكم المخزون التاريخي من العداء لها وبحكم تموضعها في مكاتبها دون اشتباك مع الواقع المحلي على قاعدة الموازنة بين القدرة والرغبة وتوحيد الصفوف بعد تحديد الاولويات بدل الانكفاء على كتابة البيانات التي تطالب الحكومات بالاصلاح وانجاز المهام التي تريدها الاحزاب وكأن الحكومة تعبير حيوي عن مصالح الطبقات التي تعبر عنها الاحزاب وليست حاصل جمع قوى مجتمعية اقواها كارتيل التعطيل العام دفاعا عن مصالح الكارتيل الاقوى والابرز في الحياة السياسية والاجتماعية من اصحاب الاموال والنفوذ القائم على بقاء الوضع ساكنا كما هو . يُستَثنى من ذلك جماعة الاخوان المسلمين وحزبها الذين يمارسون فعلهم السياسي خدمة لكارتيلهم الاقتصادي والسياسي الخاص ولعل تجربة اسطوانات الغاز وخيوط البسة شركة تترأسها الجماعة عبر اذرعها الاقتصادية دليل حي على تناغم الكارتيلات الاقتصادية رغم تباعد الاهداف السياسية , فالجماعة والحزب يجلسان على رأس كارتيل اقتصادي ضخم ولديهما انصار في قاع الطبقات الاقتصادية يتم استثمارهم لخدمة الكارتيل الاقتصادي تحت لافتتات متنوعة منها الديني ومنها الاصلاحي المتناغم مع اقصاء طبقة لصالح طبقة داخل النهج نفسه وليس استبدال طبقة لصالح طبقة اكثر اتساعا واوسع تمثيلا كشمول المحافظات وابناء الطبقة الوسطى في عملية الاصلاح وتغيير نهج الاقتصاد والسياسة القائمين لصالح نمط اقتصادي وسياسي اكثر عدالة واوسع تمثيلا . الايام القادمة ستشهد صراعا غير مسبوق في الاردن بين المكونات السياسية والاجتماعية على قانون الانتخاب الذي يعتمد النسبية للمرة الاولى في الحياة السياسية الاردنية تلك النسبية التي تؤذي الطبقات السياسية القائمة " حكوميا واخوانيا على حد سواء " بوصفهما الكتل الاكثر نفوذا والقوى التي تتحكم بكتلة صوتية صلبة ومتماسكة , ومسألة التمثيل النسبي تؤذي تلك الكتل لانها تمنع تغولها وانقضاضها على معظم المقاعد بحكم امتلاكها للكتلة الصلبة ومعروف ان اية قوة تمتلك كتلة موحدة تتجاوز حدود ال 20% من مجموع الاصوات الفاعلة قادرة على الحصول على الاغلبية اي ما يعرف بالمغالبة في السياسة وليس الاغلبية وهذا ما تريده الحكومة والاخوان على حد سواء لذلك تسعى الجماعة الى اقفال القائمة النسبية او اغلاقها في ادنى الحدود او العودة الى قانون ال 89 من القرن الماضي وهو الذي يضمن المغالبة وكذلك تريد الحكومة وانصار الوضع السائد الى الغاء النسبية لانه ببساطة يمنح كل كتلة حجمها الحقيقي دون زيادة او نقصان . مجاميع الشعب الاردني لا تريد المغالبة وتريد تمثيلا حقيقيا لكل المكونات وتريد ضمان ان تُخرج الصناديق ما تضعه الاصوات وليس العكس وبالتالي عليها حماية اصواتها وقانونها دفعة واحدة من تغول القوى التقليدية النافذة وهنا يأتي دور المجتمع المدني والاحزاب والنقابات في التصدي لاي محاولة عبث بالنسبية لان مرورها في قانون الانتخاب يعني اعتمادها كمبدأ عام في اي انتخابات قادمة اي انها الاقصاء الى الابد وضمان مشاركة الجميع في صنع القرار الا الطرف الذي لا تنتخبه جموع الناخبين وهذا ينسحب على الاندية والجمعيات قبل البرلمان وعلينا تشكيل الكتلة الشعبية الوازنة التي تضمن حقوقنا وتسند تيار الاصلاح وصاحب القرار بدل تركهم منفردين في الساحة السياسية .