أنــــــــا

أعجبُ من أيّ مسؤولٍ يختصر مؤسسته أو وزارته أو شركته أو دائرته كلّها بكلمة (أنا)، فيقول: أنا رفعتُ إيرادات وزارتي أو مؤسستي أو دائرتي أو شركتي إلى مبلغ كذا وكذا، ووفّرتُ على وزارتي مبلغ كذا وكذا من النفقات، وعقدت كذا اتفاقية، وعيّنت كذا وكذا موظفاً، وأنشأت كذا وكذا بنايةً، وعبّدتُ كذا وكذا شارعاً، وزرعت كذا وكذا شجرة، ووزعت كذا وكذا معونة إلى غير ذلك من مثل هذه العبارات التي تُصفع بها آذاننا صباحاً ومساءً في تصريحات مسؤولين أو لدى إجراء مقابلات صحفية أو تلفزيونية معهم.
لا أشكّ في أن هذه الصيغة من صيغ التعبير الصادرة عن بعض المسؤولين في المؤسسات لا يقصد منها الإساءة إلى أحد من الناس أو الانتقاص من جهودهم، وإنما يقصد منها الحديث عن الإنجازات التي تحققت في عهد هذا المسؤول أو ذاك.
ولكنّ لهذه الصيغة دلالات سلبية قد لا تكون مقصودة، فالمسؤول الذي ينسب كلّ النجاحات والإنجازات لنفسه إنّما يتنكر لجهود العاملين والموظفين والمسؤولين الآخرين في مؤسسته أو وزارته.
كما أنّ في استخدام هذه العبارات انتقاصاً من جهود المسؤولين السابقين الذين مرّوا على تلك المؤسسة أو الوزارة، وكأنّ كلّ ما حققته هذه المؤسسة أنجز فقط على عهد هذا المسؤول صاحب (الأنا) العالية والمتضخّمة، مع أنّه في كثير من الأحيان تكون الخطط والمشاريع الذي نفذت في عهده هي ممّا وضعه المسؤولون السابقون.
إنّ هذه المقالة لا تنكر على أيّ مسؤول فخره بالإنجازات التي تحققت على عهده ومباهاته بها، إلاّ أنّها تدعو إلى عدم المبالغة في نسبة هذه الإنجازات إلى شخصه الكريم دون غيره من العالمين في مؤسسته أو وزارته أو شركته أو دائرته، فلولاهم لما أنجز شيء أبداً، ودون غيره من المسؤولين السابقين الذين لا بدّ أن يكونوا قد أسّسوا لهذه الجهود ومهدّوا لهذه الإنجازات.
إنّ عبارات مثل (أنا) و (فعلت) و (عملت) و (أنجزت) قد تليق بأعمال فردية ومصالح تجارية خاصّة، لكنها لا تليق بالمؤسسات العامّة ولا بالعمل المؤسّسي.