ما الذي يقلقكم من أليس..؟!
نسمع حديثا عجبا، ظاهره عتبا وغضبا، وباطنه «من قلة ما يصحلك»!.
هجمات ضد بعض الأردنيين لا حاجة لوصفها، الذين استضافوا سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية «أليس ويلز»، وكأنهم استقبلوا كائنا فضائيا خطيرا أو موبوءا، ونسوا هؤلاء أو تناسوا اللياقة واللباقة حين يتحدثون عن سفيرة دولة صديقة للأردن، وتتمتع بعلاقات سياسية كاملة معها..
هل أمريكا دولة عدوة؟. الله يستر عليها على أي حال.
لا يوجد بروتوكول ديبلوماسي يحول دون قبول أي سفير في أي بلد دعوة وجهتها جهة ما في هذا البلد، حتى وإن كان مواطنا عاديا أو سياسيا.. صوبوني إن أخطأت، هل يوجد ما يمنع أي سفير تلبية دعوة يقدمها له شخص بأن يشرفه بزيارة؟!.
إذا لماذا يصر بعضنا على شيطنة الآخرين، ويلقون التهم جزافا ضدهم، بسبب استقبالهم لضيف دخل بيوتهم؟ فهل يوجد في قيمنا الأردنية أو موروثنا السياسي والاجتماعي ما يؤكد بأننا لا نستقبل الضيف ونكرمه؟
لا يوجد تهمة موجهة للأردنيين بهذا النوع والحجم، وهي تهمة بل صفة دائمة للبخلاء وقليلي «الأصل» كما نقول، حين يتم العبوس في وجه ضيف، وهو الضيف الذين كانوا أجدادنا يستقبلونه ولا يسألونه حتى عن اسمه، وإن سألوا فهم يسألونه بعد 3 أيام عن حاجته، وهذه قيمة اجتماعية نبيلة اختفت أو كادت، خصوصا ونحن نقرأ ونسمع كلاما عجبا عن الذين استضافوا السفيرة الأمريكية في بيوتهم..
أي سفير في البلاد؛ هو ممثل ديبلوماسي لدولته لدى البلاط الهاشمي، يقدم أوراق اعتماده لجلالة الملك في مراسم متعارف عليها، وهو ديبلوماسي يمثل دولته، ويلتزم بقوانين الدولة الأردنية، ولا تحفظات أو تحديدات لنشاطاته الاجتماعية، حتى وإن كانت غير مرغوبة في بلده الذي يمثله، فهي مسموح بها في الأردن، ولدى العرب والمسلمين...
نتغنى بأخلاقنا وبقيمنا وبموروثنا الإنساني، وعند قيام شخص ما بعمل منسجم مع الأعراف والأصول، يتنطع خصومه بالاساءة إليه فيتسارع «نفر منا» لا ناقة لهم ولا جمل، وينخرطون في الإساءة الى البلاد والعباد، وقد حدثت بعض هذه القصص عند بعض أبناء العشائر المحترمة، فطلبوا من يحدد لهم استقبال ضيوفهم الى «حق العرب والعشائر».. كيف تتدخلون في شؤون الناس الخاصة؟ وتحت أي قانون وسلطة تطلبون من الناس استقبال أو عدم استقبال ضيوف في بيوتهم؟ وكيف تسمحون لأنفسكم بالتدخل بكيفية اكرام المضيف لضيفه؟ «متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم و»دولهم» أحرارا» !.
الذين «يقلقون» أو «ينزعجون» من نشاط السفيرة الاجتماعي، أجزم بأنهم لو أيقنوا أن السفيرة سوف تلبي دعوتهم لتناول المنسف أو الهمبرغر في بيوتهم أو أي مكان آخر، فهم لن يتوانوا ثانية واحدة عن توجيه الدعوة والتحضير لاستقبال الضيفة الكبيرة.. «بلاش مرط الهرج».
الذي لديه تحسس من أمريكا ومن ممثليها في الأردن فهو حر في التعبير عن حساسيته ضمن القانون والدستور، لكن لا يحق له أن يطالبنا جميعا ب»التحسس»، سفيرة أمريكا هي إنسانة أولا، ويحق لها أن نعاملها على هذا الأساس، ولا علاقة «ديبلوماسية» تربطنا بها كمواطنين، فعلاقتها مع الدولة الأردنية وهي تمثل علاقة أمريكا الديبلوماسية بالأردن، ولا يحق لنا أن نتدخل في شؤونها الديبلوماسية كأفراد في دولة محترمة..
يا للعجب من هذا الغضب في بلاد ما زال فيها من تحكمه وتسيطر على تفكيره غرائز لا أساس ولا تبرير لها في موروثنا وقوانيننا..
كل الحديث عجيب غريب عن عاداتنا وقوانيننا وأخلاقنا.. فاحترموا الناس.