سعر برميل النفط إلى أقل من ٣٠ دولاراً؟

فتح الأسبوع على سعر برميل نفط برنت في لندن عند مستوى ٣٨ دولاراً ما يمثل انخفاضاً بـ٦٠ في المئة عن مستواه في الصيف الماضي. ويتوقع رئيس شركة «توتال» باتريك بوياني أن الأسعار لن تتعافى في ٢٠١٦ لأن النمو في المعروض من النفط سيفوق الطلب. إن أسباب انخفاض سعر النفط هي أن هناك فائضاً كبيراً في الأسواق بسبب زيادة إنتاج النفط الأميركي الصخري وغير الصخري. وقد أدى التباطؤ الاقتصادي في أوروبا والصين إلى تقليص ارتفاع الطلب على النفط. ومعظم دول «أوبك» تأثرت من هذا الانخفاض ولكن في شكل متباين. فدول مثل فنزويلا والجزائر ونيجيريا وليبيا تحتاج إلى مستويات أعلى لسعر النفط بسبب عجز كبير في موازنتها. أما دول الخليج وفي طليعتها السعودية فتتكيف مع هذا الوضع الجديد عبر إعادة النظر في جدولة مصاريف مشاريعها وتمديد فترة تنفيذها أو تأجيلها إذا لم تكن ضرورية. وهذه الدول لن تعيد النظر في خططها التنموية. ولكن الدول التي تتلقى مساعدات منها قد تتأثر بهذا الوضع المستجد.

ولكن السؤال اليوم هو إلى أي مستوى يمكن أن يصل سعر النفط إذا بقي ينخفض في ٢٠١٦ كما توقع رئيس «توتال» في أحد أحاديثه الإعلامية؟ هل يصل إلى ٣٠ أو ٢٠ دولاراً؟ هذا الأمر غير معروف وهو مرتبط بالتأكيد بمستوى العرض والطلب للسنة المقبلة. وهناك واقع ظهر بوضوح خلال السنوات الأخيرة أن كل التوقعات التي نشرتها مؤسسات مختلفة منها وكالة الطاقة الدولية تمت إعادة النظر فيها وتصحيحها لاحقاً لأنها لم تكن دائماً دقيقة. فالبعض يقول إن أسعار النفط ستتحسن خلال سنتين لأن كثيراً من الشركات الأميركية سيخرج من السوق النفطي بسبب إفلاسات أو عدم توافر التمويل لمشاريع التنقيب والإنتاج. وقد بدأ يحصل ذلك. وإنتاج دول «أوبك» سيشهد زيادة عندما تعود إيران إلى السوق وهذا قد يكون في ٢٠١٦. والمنافسة شديدة في الأسواق الآسيوية بين مختلف نفوط «أوبك» التي حولت كميات كبرى من مبيعاتها النفطية من أميركا إلى أسواق آسيا. وتجدر الإشارة إلى أن العراق وإيران ينتظران شهرياً تحديد السعودية أسعارها للزبائن كي يحددا أسعارهما بمستوى أقل وإعطاء تخفيضات تتناسب مع أسعار الخام السعودي في الأسواق.

 

 

من الصعب التكهن إلى أي مستوى ستصل أسعار النفط وهل تستمر في الهبوط في ٢٠١٦ كما يتوقع بوياني طالما لم نتأكد من مستوى الطلب في السنة المقبلة ومن حالة الاقتصاد في الصين وفي أوروبا وفي العالم. إن أسعار النفط المنخفضة ستؤدي بلا شك إلى تخفيض الإنتاج الأميركي الذي بدأ يظهر بوضوح وقد يؤدي أيضاً إلى تقليص الاستثمارات في النفط للسنوات المقبلة مما قد يعيد رفع الأسعار خلال سنتين أو ثلاث ربما إلى ٨٠ دولاراً للبرميل هذا في حال لم يحصل تطور طارئ في أي بلد نفطي. ولكن الاتجاه العام أن الدول النفطية ستضطر إلى إجراء مراجعة واسعة لأولياتها في المصاريف وتحسين إرشاد النفقات لأن السنة المقبلة قد لا تشهد تحسناً في سعر النفط وربما تصدق توقعات رئيس «توتال». فـ «أوبك» لم تعد في وضع تلعب دور المنتج المزود swing producer والسعودية غير عازمة على إيقاف تلبية طلبات زبائنها. فهي مستمرة في إنتاج ١٠ ملايين برميل في اليوم طالما هناك طلب على نفطها. وهي مستعدة أن تخفض أو تزيد تلبية الكميات النفطية لزبائنها بـ١٠ في المئة فقط صعوداً أو نزولاً. أي أن السعودية باقية على مستوى إنتاجها الحالي طالما هناك طلب عليه.