«مزامير» المستر كيري أو.. «هَمْروجَة» انهيار السلطة!

أفلست السياسة الأميركية في المنطقة وباتت باعثة على الرثاء بل الشماتة، بعد ان ذهب بها غرور القوة والغطرسة والاستعلاء، بعيدا في ازدراء دروس التاريخ وعِبَره وعدم احترام حقوق الشعوب وادارة الظهر للقانون الدولي، في الوقت الذي تواصل فيه العزف على اسطوانة مشروخة تتحدث باستذكاء مكشوف عن القِيَم الأميركية وحقوق الانسان وبناء الدول ودعم الديمقراطية والحريات العامة وغيرها من التُرّهات التي لم تعد تجد لها رصيدا في اسرة الشعوب، وبخاصة في استمرارها بدعم الانظمة الديكتاتورية وتشجيع الفوضى داخل الدول وتَبَنّي منظمات الارهاب وتلك التي تزعُم انها مُعارِضة لانظمة لا تتماشى مع السياسة الاميركية او اقلّه في ان لها وجهة نظر لا تلتقي بالضرورة مع المصالح الاميركية، ما يعني وضعها تلقائيا في خانة دول الشر، حيث لم تغادر ادارة اوباما الموشِكة على مغادرة البيت الابيض «مبدأ» بوش الابن الذي يضع دول العالم امام خيار اميركي واحد «إما معنا وإما ضدنا»، فلا يجد كثيرون وخصوصا ممن جيء بهم الى السلطة بقرار (وفِعل) اميركي، سوى الانحناء وتنفيذ رغبات السيد الاميركي الذي لا يريد، هو او اتباعه، الاعتراف بأن العالم قد تغيّر وان اميركا تفقد مكانتها الاولى، لصالح نظام عالمي متعدد الاقطاب، لا تحدد القوة العسكرية وحدها، اسسه او تُملي عليه قوانينه.


ما علينا..

خرج علينا رئيس الدبلوماسية الاميركية الذي تَفوّق على «سلفته»، هيلاري كلينتون، في عدد المرات التي «لَّف» بها حول العالم في رحلات لا تنتهي، حيث دار حول العالم «ثلاث» مرات، لكنها من اسف لم تثمر عن نتائج تُذكر لصالح الامن والسلم الدوليين، عبر مقابلة معه نشرتها مجلة «نيويوركر» الأميركية الشهيرة، مُحذِراً إسرائيل من «مخاطر» انهيار السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، مُعبِراً في الآن ذاته، عن شعوره بـ»الخيبة» بسبب عدم نجاحه في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

هنا والآن، يبرز النفاق الاميركي في «أبهى» تجلِّياته، وتتوضح على نحو جلِي، الكيفية التي تتلاعب فيها الادارة الاميركية في وساطتها «النزيهة» بل في احتكارها لملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتحايلها على تسمية الاشياء بأسمائها، وبخاصة بعد الصفعات التي تلقتها هذه الادارة التي يُكثِر رئيسها «الكلمنجي» الحديث عن السلام والديمقراطية ودعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، لكنه في واقع الحال، لا يُشجِع إلاّ على نشر الفوضى والقلاقل في بلدان عديدة وتنفيذ ارادة المجمع الصناعي العسكري النفطي، الذي يتحكم بالقرار الأميركي ويوجّه سياساته ويعاقب من يخرج عليها.

اللافت في مقابلة المستر كيري وخصوصاً في انتقاده الخجول لسياسات حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل، هو ابداء المزيد من «الخوف» على مستقبل اسرائيل «الديموغرافي» وليس قَلِقاً أبداً على وجودها لانها «لن تختفي ذات يوم»، كما اكد اكثر من مرة، ولهذا فهو يُبدي حرصا ويُقدّم نصيحة لقادتها بضرورة وضع خطة «للحفاظ على اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، بما هي الخطوة الاكثر ذكاء والاكثر استراتيجية، وهذه كلمة مهمة» كما قال حرفياً.

لم يتطرق المستر كيري ابدا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ولم يقل ان سرطان الاستيطان المنتشر في اراضي الضفة الغربية، هو غير شرعي، وغير قانوني، بل هو لم يتطرق الى اي قرار لمجلس الأمن ولم يرفع اصبعه مُنذِرا قادة اسرائيل بالعقوبات او المقاطعة او حظر السلاح.. فقط حذرها من ان انهيار السلطة سيجعل (30)ألف شرطي فلسطيني في حال بطالة، وعندها يمكن ان تحدث أضرار أمنية، ناهيك عن تذكيرها بصواريخ حزب الله، متجاهلاً، الاوصاف المُهينة التي اطلقها عليه وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعلون، والاستهزاء بجهوده الفاشلة مُتهِماً اياه»يعلون» بأنه يرمي للفوز بجائزة نوبل ولا يهمه «أمن إسرائيل».

في السطر الأخير.. تبدو اجابات الوزير الاميركي مفصولة عن الواقع الإقليمي ومحاولة فاشلة للظهور بمظهر الحريص على السلام، ولكن بعيون إسرائيلية، ما يُفقِد هذه الاقوال قيمتها، وبخاصة انها جاءت في وقت تتحول فيه إدارة أوباما إلى «بطة عرجاء» ودائماً فاشلة في اقناع العالم بأنها تنحاز للديمقراطية والقانون الدولي.. فعلى مَنْ بالفعل يريد المستر كيري تلاوة مزاميره؟.الفارغة المضمون عندما لا يأتي على ذكر الاسباب الحقيقية لفشله المدوي»هو ورئيسه بالطبع»وكيف اهانهما نتنياهو ولم يجرؤا على رد صفعاته بل تلعثما امامه إن لم نقل انبطحا ومنحاه جائزة ترضية «امْنيّة وعسكرية ثمينة وغير مسبوقة» فضلاً عن ان المستر كيري لم يقل لنا لماذا هي سلطة رام الله آيلة للانهيار؟