مكافحة التطرف مسؤولية وطنية
مفهوم التطرف (أو الغلو أو التشدد): هو انحراف فكري يؤدي إلى الإقصاء الكراهية، عدم قبول الآخر ، نبذ الآخر، التعصب، الانغلاق، تكفير الآخر، لقد شهد العالم الإنساني صور وأشكال للتطرف ومنها الديني، الثقافي، أو الفكري، الطائفي المذهبي، النوع الإجتماعي، اللون، اللغة، العرف.
والسؤال المطروح : هل التطرف فطري أو مكتسب ابن البيئة؟؟؟
قد يولد في الأسرة أو المدرسة أو في المجتمع والتطرف يتعارض مع الكتب والشرائع ويمثل انتهاكاً صارخا"ً على المعايير الدولية لحقوق الإنسان والاخلاق والقيم الإنسانية النبيلة التي تستند على الكرامه والمساواة العدل الحرية كما ان التطرف يهدد الأمن والسلم الأجتماعي ويهدد الأمن والسلم الدوليين يعد التطرف ظاهرة معقدة ومتشابكه في انتشارها بالمجتمعات حيث تتداخل العوامل الشخصية والنفسية مع الثقافية والسياسية والاقتصادية لتشكل ظاهرة التطرف.
أن معاملة التطرف بتطرف مضاد ومواجهة ارهاب الأفراد والجماعات بأرهاب الحكومة والأساليب القمعية للظاهرة يزيد حدة التطرف، أن أهمية التعرف على الأسباب يقودنا إلى معرفة آلية العلاج، وهناك العديد من الأسباب التي تحمل الإنسان على الوقوع في التطرف: منها الأقتصادية: تدني معدل الفقر، البطالة، ارتفاع مستوى المعيشي، الجوع، الحرمان، الهجرة من الريف إلى المدن، الصدمة الحضارية أو الثقافية، الأسباب الأجماعية: وغياب العدالة الإجتماعية، نقص الثروة والسلع والخدمات، عدم العدالة في توزيع الثروة، التفاوت الطبقي الواسع في الخدمات والمرافق، الجهل، الأضطهاد، زيادة أعداد الخريجين من المدراس والجامعات (بدون عمل)، التميز، عدم تكافؤ الفرص، عدم المساواه ، يؤدي إلى الاحباط واليأس والغضب.
الظروف السياسية: تدني نسب المشاركة السياسية لدى الشباب، عدم وجود تعددية سياسية قمع الحريات، عدم وجود تداول للسلطة تجاهل المطالب الشعبية وعدم حمايتها التهميش والأقتصاء، محاصرة التيار الديني والتضييق عليه وعدم اعطائه حرية الوصول إلى السلطة بطريقة سليمه، غياب النظم الديمقراطية، غياب الحوار مع جيل الشباب وغياب التواصل بين الأجيال.
أزمة التعليم: الاعتماد على التلقين والحفظ بعيداً عن أعمال لدور العقل والتحليل والنقد.
الفهم الخاطئ للدين أو سوء الفهم، الفراغ الديني هيمنة القيم المادية. انهيار منظومة الأخلاق وفشل البرامج والخطط والسياسات الرسمية لمعالجة الواقع الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي.
سياسات الهيمنة الأجنبية والارهاب والعدموان الاسرائيلي والأمريكي في فلسطين والعراق الجولان تحدي الشرعية الدولية، استباحت الأراضي العربية، الاعتداء على الأماكن الدينية المقدسة.
من المؤسف أن يكون المدخل الأمني هو المدخل السائد لمواجهة التطرف في منطقتنا العربية ويجب توسيع مسارات التعامل مع المتطرفين إلى فتح قنوات الحوار والمصالحة (والتحدي علينا جميعاً). والسؤال الأول: كيف يمكن لنا تحويل التطرف من ممارسة غير شرعية إلى عمل سياسي مشروع وبناء؟
والسؤال الثاني: ما المطلوب عمله؟
*المقترحات:
- ضرورة أن تتحول الديمقراطية والمشاركة إلى عنصر أساس من عناصر العمل السياسي في الأقطار العربية وهذا يعني اتاحة فرص التعبير السياسي، وتداول السلطة، ونزاهة الانتخابات، وممارسة الرقابة الشعبية.
- من الضروري أن تتضمن البرامج التعليمية قيم الحوار والنقد والتعايش واقرار حقوق الاخرين والتوجه الديمقراطي والتعاطف كما يجب على وسائل الاعلام العربية أن تؤدي عملا "موازياً" في ترسيخ تلك القيم إن الثقافة الدينية التي يتعرض لها تلاميذ المدارس والمقررات الدينية المقررة في مدارسنا تحتاج إلى مراجعة دقيقة.
- إعادة النظر في تراثنا العربي والإسلامي بما يضمن قيم التعددية السياسية والحرية الفكرية.
- على الأجهزة الأمنية الالتزام باتباع الأساليب القانونية المشروعة في مواجهة الإرهاب والبعد تماما عن الضربات الأمنية الانتقامية التي تشمل أشخاصاً أبرياء أو تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان.
- مبادرة الحكومة بعلاج المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشباب علاجاً جذرياً وذلك ببناء وحدات انتاجية واقامة مشروعات ضخمة تستوعب اعداداً كبيرة من الشباب حتى يمكن توفير فرص العمل والقضاء على البطالة.
1. وضع مشروع متكامل للاصلاح الاجتماعي يسير جنبا إلى جنب مع الاصلاح الاقتصادي ويهدف هذا المشروع إلى اصلاح أوجه الخلل الموجودة في مختلف النظم الإجتماعية وهذا هو دور الحكومة.
2. تخفيض مثيرات التطرف والعنف إلى أدنى مستوى وذلك من خلال منع الظلم على المستوى الفردي والإجتماعي وارساء العدل وتفشي الفواحش والمنكرات وارساء قواعد التكافل الاجتماعي ومحاربة الفساد.
- على الجميع وبالأخص العلماء والدعاة والمربون واجب عظيم في بيان الحق للشباب ووصف طريق الصواب وتوعية الناشئة وتبصيرهم بسلامة المنهج.
- المشاركة السياسية للشباب من مختلف الطبقات في جميع القرارات التي تمس حياة المواطن سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو السكن.
- يجب ان يتجه الواقع التربوي إلى تعليم الطفل كيف يناقش، وكيف يعبر عن رأيه بحرية، وكيف يحترام اراء الاخرين، فضلاً عن غرس روح المبادرة لدى الطلاب من خلال الحوار والاقناع وليس التخويف والعقاب.
- ضرورة العمل على تكريس الشورى أو توزيع سلطة اتخاذ القرار في كل مناحي الحياة من خلال ترسيخ قيم التعددية والحرية.
- أن تفعيل الديمقراطية والشورى يساعد على السلام والاستقرار في المجتمع ويبعد شبح العنف بصورة متزايدة.
- تكريس العمل المؤسسي الذي يساهم في انحسار خطر هيمنة الفكر الأوحد في الساحة. وهذه المؤسسات هي مجالس البرلمانات والشورى والأحزاب السياسية وجماعات المصالح والجمعيات النفعية وجمعيات الخدمات وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسات أو الجمعيات والنقابات المتخصصة في مجالات عمل معينة.
- الأيمان بأهمية الحوار لكونه الركيزه المهمة في النظام الديمقراطية والاعتراف بحق الاخر في التعبير عن رأيه ووجهة نظره، ان فتح قنوات الحوار أمر ايجابي حيث يضع المتطرفين والارهابييين في دائرة التفكير بصوت عال من ناحية ويضع فكر ومعتقدات التطرف تحت مطارق النقد والمصارحة والمكاشفة من ناحية أخرى.
- يجب الاهتمام بتكريس القيم الأخلاقية في العمل السياسي والإسلامي، ومن أهم هذه الأخلاقيات احترام الرأي والاخر، وافساح المجال للاجتهاد الفردي، وعدم الطعن والتجريح ضد المخالف في المنهج أو الموقف السياسي.
• وأخيراً
هذا يتطلب منا جميعا أفراد وجماعات وحكومات اعداد استراتيجية وطنية وبشكل عاجل لمواجهة التطرف والجريمة والعنف.
الحالة الأردنية
هل يوجد بيئة حاضنة للتطرف في الأردن؟
للإجابة على هذا السؤال هذا يقودنا إلى تحليل عناصر القوة وعناصر الضعف لدى الدولة الأردنية:
أ- عناصر القوة: ارادة سياسية جادة في الاصلاح وتعزيز الديمقراطية مبادرات ملكية في الإصلاح والتعايش، دستور عصري يراعي المساواة بين المواطنيين، شرعية نظام الحكم في الأردن تاريخية ودينية وشرعية انجاز، استقرار النظام السياسي والأمني، دولة مؤسسات وقانون (السلطات العامة)، وجود مؤسسات مجتمع مدني نقابات، منظمات حقوقية ... الخ، وجود ادوات رقابية ووسائل للأنصاف والعدالة، نسبة التعليم المدرسي والجامعي مرتفعة، الأنفتاح على العالم الخارج، وعي المجتمع الأردني وتوحده خلف القيادة الهاشمية.
ب- عناصر الضعف: موارد اقتصادية محدودة في الطاقة والمياه ... الخ، مديونية مرتفعة، عجز موازنة، الاعتماد على المساعدات الخارجية والاقتراض، ارتفاع معدلات التضخم، البطالة، والفقر ، سوء توزيع عوائد التنمية، انتشار الفساد، الواسطة المحسوبية، ضعف المشاركة الشعبية في صناعة القرار، عمالة اطفال متسربين مدارس، مركزية القرارات الرسمية، ارتفاع أعداد الخريجيين من الجامعات (بدون عمل)، مجالس نيابية غير فاعلة، نسب اقتراع غير مرضية، ضعف العمل والتخطيط المؤسسي، تفاوت طبقي واسع، ضعف المؤسسة الدينية والثقافية، ضعف العمل الحزبي، هويات فرعية وجهوية، ارتفاع مستوى المعيشي، تزايد الأعباء والتكاليف على الأفراد والضرائب، غياب الوازع الأخلاقي والديني، عدم تكافؤ الفرص والتوريث، انتهاكات على منظومة حقوق الإنسان، انتشار الرذيلة والجريمة، استمرار الأحتلال الصهيوني لفلسطين.