أهداف ، توقعات أم تمنيات

عندما كشفت وزارة المالية عن مشروعها لموازنة 2016 ، لم تقدم أرقاماً صماء فقط مما يهم المحاسبين ، بل ألقت ضوءاً على أوضاع الاقتصاد الأردني من خلال عرض أبرز المؤشرات الاقتصادية الراهنة والمتوقعة على المدى القريب ، وهي تغطي خمس سنوات تبدأ في 2014 بأرقام ومؤشرات فعلية ، ثم 2015 بأرقام متوقعة ، ثم السنوات الثلاث التالية بأرقام مستهدفة.


الأرقام والتوقعات والأهداف التي طرحتها وزارة المالية ليست مطابقة لما ورد في وثيقة الأردن 2025 (الرؤية العشرية) ، وأحياناً ليست قريبة منها ، مما يوحي بأن الوزارة أكثر واقعية من الرؤية الطموحة.

كنا نفهم هذا الاختلاف بين توقعات الوزارة وتقديرات الرؤية العشرية لو تم بعد عدة سنوات ، نظراً لتغير الظروف المحلية والدولية ، ولكن ليس مفهوماً أن يحدث ذلك في أرقام السنة الأولى للرؤية ، أي قبل أن يتغير شيء أو تحدث تطورات لم تكن بالحسبان عند إعداد الرؤية.

تدل المقارنة بين المجموعتين من المؤشرات الاقتصادية على أن الرؤية أعطت مؤشرات اقتصادية مبالغاً فيها بدرجة كبيرة ، وأن وزارة المالية أعطت مؤشرات مبالغاً فيها أيضاً ، ولكن بدرجة أقل. وحتى توقعات الوزارة لأرقام 2015 ربما كانت أعلى من الأرقام الواقعية التي ستظهر بعد شهور.

نحتاج لتفسير أسباب التطورات الإيجابية الواردة في الرؤية وفي تقديرات وزارة المالية. وعلى سبيل المثال: إذا كان النمو الاقتصادي في 2015 في حدود 5ر2% ، فلماذا نتوقع أن يرتفع في 2016 إلى 7ر3% ، وفي 2017 إلى 5ر4% ، وهل هناك معطيات منتظرة لا نعرفها تدعو لذلك ، ولماذا لا نحتاط لأسوأ الاحتمالات.

لا يتوقف الأمر عند معدل النمو الاقتصادي ، فالتوقعات المنشورة تدل على أن جميع المؤشرات المالية والاقتصادية سوف تتحسن بدرجة ملموسة لمجرد مرور الزمن ، فالتضخم سوف ينخفض خلال السنوات الخمس في كل سنة منسوباً للسنة السابقة ، ومعدل نمو الصادرات سوف يرتفع سنوياً إلى ما لا نهاية ، أما العجز في الميزان التجاري وفي الحساب الجاري لميزان المدفوعات فسوف ينخفض سنة بعد أخرى وهكذا...

جميل أن نكون متفائلين ، وأن نتطلع للأفضل ، ولكن يجب التفريق بين التمنيات والتوقعات والأهداف.

طالما أن باب التمنيات مفتوح بدون ضوابط ، فإننا نتمنى أن تأتي الأرقام الفعلية أفضل مما تتوقع وثيقة الموازنة وأفضل مما تتمنى الرؤية العشرية!!.