في التربية والتعليم .. مازالت الأسئلة مفتوحة !

اخبار البلد- زيد حمزة 

في الحديث الحواري على العشاء التقشفي الذي دعت له مؤسسة فلسطين الدولية ومنتدى المدارس العصرية الاسبوع الماضي (9/ 12/ 2015) واداره الدكتور اسعد عبد الرحمن قال وزير التربية والتعليم الدكتور محمد ذنيبات كلاماً كثيراً ومفيداً لكنه لم يرد بالطبع على كل الاسئلة التي ما فتئ الاردنيون منذ وقت غير قصير يطرحونها بألم وحرقة وقد تابعوا اولادهم جيلا بعد جيل ورأوا كيف تتراجع معارفهم وقدراتهم كما تعترف الوزارة نفسها هذه الأيام، وشهدوا احوال المدارس تتردى سنة بعد أخرى ووجدوا بعض مناهجها طافحة بما يحض على التخلف والنكوص ومنها ما يجعل عقول التلاميذ تغط في سبات واوهام الماضي وتحرمهم حيوية الشك والجدل والبحث ولا تبصرهم قط بضرورة احترام الآخرين وآرائهم !
وقال الوزير: لقد انتابتنا الغفوة لمدة طويلة في قضية التربية والتعليم في الاردن ونريد اليوم أن نصحو من جديد ونتقدم بخطى قوية ثابتة الى الأمام، لكنه لم ينكر محاولات سابقة بارزة ومضيئة فذكر بالفضل تحديداً خطة الاصلاح التربوي التي وضعتها الحكومة في عام 1987 ووصفها بأنها كانت شاملة وجريئة وانها لو نفذت لكنا الآن بخير، ما اثلج صدري حقاً اذ كنت عضواً في تلك الحكومة وشاهداً على تلك الخطة ومتحمساً لها رغم انغماسي الكلي آنذاك باصلاح النظام الصحي وارساء قواعده على مبادئ منظمة الصحة العالمية، ولقد واكبت باهتمام بالغ الجهد الكبير الذي بذله الراحلان ناصر الدين الاسد وذوقان الهنداوي وزيرا التعليم العالي والتربية والتعليم في اعداد تلك الخطة واقناع مجلس الوزراء باقرارها وسط معارضة، مستترة احيانا واحيانا ظاهرة، من قبل قوى داخلية وخارجية بعضها كانت تبغي بقاء القديم على قدمه وأخرى تثير غضبنا بتهوينها من دور القطاع التعليمي العام وقدرته على التطور، ويبدو أنها نجحت بعد ذلك فعلاً في عرقلة الخطة ووأدها حتى ترحّم عليها الوزير الآن ! تماماً كما كنا، ناصر الدين الاسد وانا، كلما التقينا منذ سنوات نترحم على خطة تعريب التعليم الطبي في الجامعات العربية التي صادقنا عليها سوية باسم حكومة المملكة الاردنية الهاشمية في المؤتمر العتيد لمجلسيْ وزراء التعليم العالي ووزراء الصحة العربيين الذي عقدته الجامعة العربية في دمشق بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية في 7 /12 /1988.. وتلك قصة أخرى !
لقد تلقى الوزير بعد حديثه الصريح أسئلة مختلفة ومن تلك التي لم يضق بها ذرعاً لكنه قلل من حجمها وأهميتها ما تعلق بالفكر السلفي المزروع بوضوح في كثير من كتبنا المدرسية، ليس الدينية منها فحسب بل ايضاً التي تدرّس اللغة العربية والتاريخ والفيزياء والحساب ! وهو مالم يخفَ على المتابعين منذ زمان طويل، واذكر في هذا المجال أن الصديق الراحل عصام العجلوني قد كشف عن ذلك في برنامج تلفزيوني كان يعده عام 1974 حين كان مديرا لمعهد الخدمة الاجتماعية (قبل أن يصبح وزيراً للعمل عام 1976 ولاحقا أمينا للعاصمة) وذكر فيه ان الانحدار قد بدأ في التربية والتعليم منذ عام 1970 وأشار تلميحاً للجهات المسؤولة عن ذلك فقامت ضده في الايام التالية ضجة أعلامية تستنكر رايه وتكاد تكفرّه، لكن السنين والعقود التالية أثبتت صحة موقفه وها نحن نشهد ذلك بأنفسنا بعد رحيله بزمان طويل.
وبعد.. فليس مطلوبا من وزير التربية والتعليم أن يرد على التهم الموجهة لمجمل العملية التربوية في الاردن فهو نفسه (المدعي العام) الذي حضّر قائمتها المثيرة الطويلة، ثم طرحها على الرأي العام كي يكون عوناً له في التصدي لها وهو سلوك ديمقراطي نحمده له، وبالتالي ليس مقبولا منه أن يرفض الاسئلة المشككة ببعض المكلفين باعادة النظر في المناهج القديمة إذا كانوا مسؤولين سابقين عنها أو قريبين من فكر الذين قاموا بتأليفها، والا فسنلتقي بعد سنوات قليلة أو كثيرة مع وزير جديد للتربية والتعليم يشكو سوء الحال مرة أخرى.
وما زالت الاسئلة مفتوحة !